هناك فرق كبير بين سيادة الدولة علي أمورها وبين الديمقراطية داخل الدولة، فأي دولة لها مقومات حقيقية معترف بها دوليا لا يمكن ان تقبل بأي تدخل أجنبي في شئونها الداخلية حتي لو كان هذا التدخل تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان أو تطبيق الديمقراطية. فقد شاهدنا من قبل ذرائع واشنطن الزائفة تجاه العراق، وكيف وظفت أمورا كاذبة ، فضحها مسئول المخابرات الأمريكي السابق ونائب الرئيس الأمريكي السابق وبعض قيادات جيش واشنطن عندما اصطنعوا ، أوهاماً كاذبة ولعبوا علي وتر حقوق الشيعة والموقف الداخلي في العراق كذريعة للتدخل في شئون العراق سواء لمنعه من تصنيع قدرات نووية عسكرية تهدد إسرائيل، التي هي بالفعل لديها مفاعل نووي، أو لعبت بسياسة فرق تسد، ولعبت علي مشاعر العراقيين الشيعة والسنة والأكراد لضمان تفسخ هذا المجتمع بما يضمن دورا لأمريكا تحت شعار الديمقراطية. أمريكا التي قسمت العراق، وهيي أيضاً التي حصلت علي مباركة الشيعة لدخول العراق، وأمريكا التي غذت الحرب الداخلية بالعراق تحت ذريعة إنهاء دور الدولة وإلغاء الجيش والحزب! كل هذه الكوارث جاءت تحت بند الديمقراطية شعار أمريكا للتدخل في الشئون الداخلية وايجاد ذريعة ودور لها في الأمور الداخلية للدول، فمن قبل حاولت أمريكا نفس الشيء مع دول الخليج ولكن لغة المال والنفط أوقفت هذا الزيف لمصالح شخصية تدخل في إطار بيزنس الخليج. والآن تخرج علينا أمريكا من جديد في مشروعات تهدف في ظاهرها إلي تحقيق العدل والمساواة وفي باطنها تفسيخ المجتمع المصري لصالح من؟ وأترك الإجابة للقارئ! الأمور واضحة، فقد بدأت الإدارة الأمريكية السابقة في مشروعات لتقسيم مصر سواء بين مسلم ومسيحي، أو عن طريق حماية أقليات بدوية ونوبية، وبدأت تستخدم مجموعات متواجدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية لبث سمومها ضد المجتمع المصري مستغلة منظمات ممولة من أمريكا تخدم هذا الهدف، فالولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي تمول جميع المنظمات الحقوقية التي تعمل في مصر سواء كان مركز ابن خلدون أو منظمة »إيد في إيد« أو المنظمات القبطية المتواجدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وما أكثرها. وكان الهدف من تمويل هذه المنظمات هو الترويج للاضطهاد المسيحي في مصر، واضطهاد الأقليات وانعدام الديمقراطية، ثم بدأت هذه المنظمات في طلب حصص من معونة مصر لتمويل مشاريعها تحت زعم حماية المجتمع المصري، والملاحظ ان الولاياتالمتحدةالأمريكية دائما تشجع هذه التحركات علي الرغم من أن الإدارة الأمريكية بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، وهو ما ظهر أمامنا من خلال التعامل مع قضايا ماسة بأمن أمريكا سواء تجاه طلاب يتعلمون في أمريكا أو أفراد يقومون بالعمل، فقد مارست أمريكا كل أساليب الإهانة والمذلة، إما للتنكيل بهم أو تجنيدهم لصالح الولاياتالمتحدة تحت بند حماية أمريكا، وفي المقابل قامت المخابرات الأمريكية وأجهزتها المختلفة بالعمل علي تفسيخ المجتمع المصري وترويضه لخدمة أهداف أمريكية في المنطقة ولصالح إسرائيل بشكل مباشر. ولكن للأسف العرب دائما لا يستفيدون من الماضي ويعتبرون ان أمريكا هي منارة الديمقراطية والحياة المتفتحة ومثل يحتذي به في الغرب وهي حقيقة واهية وزائفة. فأبناء رعاة البقر لا يمكن ان يكونوا ديمقراطيين إلا بفكرهم ومصلحتهم، والمصيبة ان مصالح الأمريكان أصبحت مرتبطة بمصالح أبناء صهيون، وأصبحوا أداة في يد إسرائيل لضرب الاستقرار في الشرق الأوسط، فتارة يخرجون علينا بنظرية علمانية الدولة، وتارة بحرية الأديان بما فيها من بعض المذاهب غير المعترف بها والمكفرة دينيا كشهود يهو أو البهائيين أو البطريرك مكسيموس، وتارة أخري يخرجون علينا بنظرية الشرق الأوسط الكبير لدعم حليف لهم في الأناضول، وتارة يخرجون علينا بمبادئ الديمقراطية وحقوق الأقليات لضرب اسفين في أواصر الشعب المصري! وللأسف الشديد الكل لايقرأ ولا يستفيد، فهل الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات والحريات الدينية هي مشاكل محصورة في مصر أم في العالم ككل؟ فعلي من يريد ان يعالج مثل هذه القضايا ان يتعامل بعمومية دولية وليس علي حساب مصر فقط، فأمريكا فيها حقوق للأقليات وحقوق للزنوج والهنود الحمر واللاتينيين والمسلمين واضطهاد عنصري والكل يعلم ذلك ولكنه يغمض عينيه! فإذا أرادت أمريكا أن تنادي بالديمقراطية فيجب أن تبدأ بنفسها قبل أن تبدأ بالآخرين، فالديمقراطية ليست شعارات بل أفعال! ففي القريب خرجت أمريكا عن الديمقراطية والشرعية، وخالفت العالم كله في عملية ضرب العراق ثم بدأت من قريب عملية تقسيم الأدوار سعيا لمزيد من التمزق وتعميق الأزمة العربية فخرج علينا الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مشروعات حماية حقوق الإنسان بدأها بإعطاء الشرعية لحماس وحماية كيان حماس في غزة وكأنه يعارض موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولكنه قول حق يقصد به باطل، فالمقصود هو إشعار قيادة حماس ان لهم تأييدا دوليا داخل أمريكا وأن هناك من يطالب لهم بحقوق ويعطي لهم المشروعية وهو في الحقيقة تحرك لضمان تفسخ القضية الفلسطينية، ثم خرجت علينا مؤخرا بضرورة اعمال الرقابة الدولية علي الانتخابات البرلمانية في مساع للتقليل من هيبة مصر وسيادتها وهو منظور من سياسة رعاة البقر، فمصر ليست قبائل ولن تقبل بأي رقابة علي سيادتها وعلي دورها، فالمقصود من ذلك هو إضعاف دور مصر السياسي، لإضعاف الموقف العربي ككل، ومصر لديها رؤيتها وإرادتها القادرة علي صد هذا التبجح وهذه السياسة الغوغائية التي توظف قضايا سامية لصالح أطماعها الخفية.. والحقائق الزائفة!