جلال دوىدار علي هامش ما يتناوله الجدل حاليا والذي أرجو ألا يكون له أساس من الصحة تذكرت التمثيلية الاذاعية الشهيرة التي استهدفت تقديس ملكية الأرض والتي كانت تعبر عن الاستنكار الشديد للاقدام علي ارتكاب مثل هذه الجريمة »عواد باع ارضه«. جوهر الفكر الذي قامت عليه هذه التمثيلية الاذاعية الخالدة هو ان الارض هي مثل العرض الذي لا يمكن ولا يجب التفريط فيه. وعلي هدي هذا الحق المشروع فكرا وسلوكا تجلي الاصرار المصري الصميم في البذل والنضال من اجل اثبات ان »طابا« جزء من أرض سيناء المصرية. جاء ذلك تجسيدا لمبدأ بأن لا محل للتنازل عن حبة رمل واحدة من هذه الارض. وقد انتهي الامر بفضل أبناء مصر المخلصين بعودة طابا إلي حضن الوطن ليتم استكمال ملحمة انتصار اكتوبر المجيدة باستعادة كل سيناء. حول ما تمثله قدسية الارض والسيادة المصرية علي كل التراب الوطني كان من الطبيعي ان يفزع الشعب مما قد اشيع عن وعود تم تقديمها للسودان الشقيق - الذي كان ولقرون طويلة يشكل مع مصر دولة وادي النيل - بأن تكون السيادة علي حلايب وشلاتين لحكومة الخرطوم. وقد نفي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية صدور مثل هذه الوعود. إن ما يؤكد ويدعم حق مصر ان هذا المثلث من الارض الواقع في أقصي الجنوب المصري وفق ماسجله التاريخ الجغرافي ووثائق الاممالمتحدة ان هذا المثلث سيظل جزءاً من حدودنا الجنوبية التي تحددت بخط عرض 22 بمقتضي الخرائط الدولية المعترف بها منذ عشرات السنين. وفي حديث يستند إلي التوثيق جري في برنامج »آخر النهار« لقناة النهار الذي يقدمه الاعلامي اللامع محمود سعد حكي الخبير العسكري اللواء محمود خلف قصة مثلث حلايب وشلاتين التي تسكنها قبائل البشارية والعبابدة. أشار إلي انه ولاسباب انسانية وافقت مصر علي فتح الحدود المصرية السودانية في هذه المنطقة تجنبا للتقسيم الاجتماعي لهذه القبائل المنتشرة علي الحدود بين البلدين الشقيقين. وتعبيرا عن الاخوة وحسن النوايا فقد تولت قواتنا المسلحة عمليات تقديم الخدمات لابناء هذه القبائل علي جانبي الحدود. وحفاظا من جانب مصر علي سيادتها وباعتبار ان حلايب وشلاتين جزء أصيل من اراضيها قامت قواتنا المسلحة تحت قيادة القائد العام المشير أبوغزالة بتأكيد هذه التبعية عندما اكتشفت لجوء السودان الي اعطاء حق التنقيب عن البترول في هذه المنطقة بصورة غير شرعية إلي شركة كندية وقد اعادت القوات المسلحة بشكل حاسم من خلال تدخلها الامور إلي نصابها الصحيح بعد انسحاب الشركة الكندية عقب اطلاعها علي الوثائق. وعادت السيطرة والسيادة المصرية الكاملة علي شلاتين وحلايب. ومن المؤكد ان مؤلف تميثلية »عواد باع ارضه« قد عكس بهذا المعني الذي احتوته هذه التمثيلية مدي رفض الشعب المصري للتنازل او التفريط في الارض التي هي بمثابة العرض.