في أسبوع واحد »هب« خريف الغضب علي الرياضة المصرية فأسقط »الأقنعة« التي كانت تخفي الوجه الحقيقي لمنظومة العلاقات داخل الوسط الرياضي ليلعب الجميع علي المكشوف.. في هذا الأسبوع الذي ينتهي اليوم انفلت عيار عصام الحضري، واطلقت لجنة البث »نكتة« في توزيع الحقوق.. وفاجأنا الجمباز ب»شقلباظ« لم يكن في الحسبات.. وتفجرت فضيحة »طولان -فاروق«.. وتأجل الحكم في قضيتين كبيرتين الزمالك واتحاد الكرة.. وأصبحت مشاكل فريقي الأهلي والزمالك مشاعا لمن تستهويه الفرجة.. ومن خارج الحدود سار مانويل جوزيه والأهلي في اتجاه الالتقاء في نقطة العودة بعد ان تبين للزوجين المنفصلين ان الانفصال خطر عليهما، وان احدهما بدون الآخر يكابد ويعاني آلام الفراق.. ثم أدهشنا وأذهلنا اتحاد الكرة بفكرة الدوري البديل التي سبق ان رفضها عندما طرحها محمود الجوهري الذي يعيش الآن في منفي اختياري بالأردن. هذه هي العناوين.. واليكم تفاصيل الأخبار: كنا نعرف ان توزيع حقوق البث التليفزيوني بين الأندية أصعب من بيع الحقوق نفسها.. ولذلك اضطر القائمون عليها إلي تأجيل الاقتراب منها كلما استطاعوا إلي ان داهمهم الوقت بما لا يسمح بمزيد من التأجيل.. وتأسيسا علي قواعد اللعبة في الرياضة المصرية التي تكره القوانين واللوائح والاعراف السائدة في العالم.. لعب قانون المصالح ضد القانون المتعارف عليه وهي عادة وممارسة مصرية أصيلة تجعل القوة والنفوذ فوق القوانين واللوائح. المعروف والمعتاد في كل قوانين ونظم توزيع حقوق البث انها مرتبطة بموقع الفريق في جدول الترتيب في وقت محدد هو عمر المسابقة أي سنويا.. والأول الذي يحرز البطولة يحصل علي أعلي حصة وتهبط القيمة تلقائيا من مركز لآخر وصولا إلي المؤخرة.. وفي السنة الثانية يتم التوزيع بنفس النظام وإذا ارتقي فريق آخر إلي المركز الأول يحصل علي الحصة الأكبر ويتغير التوزيع بين الأندية حسب مواقعها الجديدة.. ولأن الأموال مهمة للغاية وتكاد تكون عصب حياة الأندية في أوروبا وغيرها من الدول.. فإن الاعتماد علي حقوق البث احد المصادر المهمة في اقتصادياتها، ولذلك نجد فريقا في وسط الجدول يكافح لآخر مباراة لكي يحسن وضعه في الترتيب ولو لمركز واحد لكي يحصل علي حصة أفضل. أما نحن في مصر.. فقد جلس »شيوخ البلد« علي احدي »مصاطب« الجبلاية وأخذوا »يدردشون« في الاطار الذي يوزعون من خلاله غنيمة الحقوق.. ومن بين الافكار اللامعة حساب من هو النادي الأكثر شعبية والأكثر جلبا للاعلانات في مبارياته المذاعة لكي تكافئه بأكبر حصة، وهو نوع من الالتفاف علي مبدأ العدالة ،فإذا افترضنا ان الأهلي بحكم شعبيته الأكبر سوف يحصل علي أكبر عائد، فكيف نحصر هذه الأفضلية علي ناد واحد ولا نسحبها علي باقي الأندية بحيث نتفرغ للاحصاء لنعرف هل الجونة أكثر شعبية من وادي دجلة، وهل تستحق شعبية المقاولون تمييزا ماليا عن شعبية بتروجت.. أي الأندية سوف يسبق الآخرين في التعداد الجماهيري؟ الفكرة غريبة وتحمل في طياتها عنصرية وسطحية وابتزازا وفرض النظام بقوة النفوذ.. وبالطبع ليس منطقيا ولا أخلاقيا ولا إنسانيا الأخذ بهذه الفكرة.. ولذلك عندما شعر المتحمسون لها بفجاجتها بحثوا في فكرة أخري وهي ان يحصل صاحب أكبر عدد من البطولات علي أعلي حصة في أول تطبيق للنظام واتفقوا علي ان هذا ينطبق علي الأهلي، وهذا منطقي اذا تم اعتماد نظام التوزيع لا ان يجري توزيع ميزانية الحقوق لسنة واحدة علي عدة سنوات من البطولات، أي بأثر رجعي.. وما نعرفه جميعا ان أي قانون أو لائحة جديدة يتم تنفيذها في حال صدورها لترتب أوضاعا جديدة.. وحتي لو افترضنا عبثا ان ذلك مقبول، فإن علينا ان نتقصي بدقة عن المراكز الأخري في جداول سنوات الأثر الرجعي لنعرف الأندية التي احتلت المراكز ال61 وما في ذلك من تغييرات معقدة كل سنة حتي توزع بالعدل ووفق الفكرة.. كل هذا التعقيد يحدث ولا لزوم له لأن القضية واضحة وضوح الشمس وسهلة جدا ولا مجال فيها للاستثناءات الممجوجة التي تكشف أقنعتنا وتظهرنا وكأننا نعيش في حقبة ما قبل الثورة الصناعية والابداعية. ولأن المساحة ستفلت مني بما يهدد بعدم نشر الموضوع من الأصل.. فسوف أراعي الايجاز في باقي عواصف خريف هذا الاسبوع.. ومنه أيضا فكرة الدوري البديل الذي رفضه اتحاد الكرة من قبل لأسباب شخصية عندما طرحه محمود الجوهري.. ومن كوارث انعدام الضمير ان يقترح البعض تطبيق الفكرة بشرط فتح قائمة الفريق الأول.. يعني ترسيخ ظاهرة تكديس اللاعبين في الأندية القادرة علي الشراء علي حساب الأندية الفقيرة في نفس الوقت الذي نبكي فيه علي اندثار الأندية الجماهيرية لضيق ذات اليد وافلاسها المالي.. وعندما نفتح القائمة للأثرياء في الأهلي والزمالك وإنبي وغيرهم من الأندية المقتدرة فإننا نغلقها في نفس الوقت للأندية المعدمة فتجد نفسها عاجزة حتي عن اكمال قوائمها وفارغة من النجوم.. وليس كل شيء ناجح في دول أخري من المفترض ان ينجح في مصر والاحتراف دليل علي ذلك.. وحتي لو لم يتم فتح القوائم فان للرياضة المصرية طابعها الخاص الذي استمد سلوكياته من سلوكيات المجتمع بدليل ان اللاعب الكبير يفضل مثلا الانتقال إلي الأهلي والزمالك والجلوس علي دكة البدلاء عن اللعب والمشاركة في أندية أخري.. اللاعب عندنا يريد ان يقبض أولا ثم يلعب أو يقبض ولا يلعب.. علاوة علي ان الطموح عندنا محدود في إطار اللعبة نفسها ويتجه إلي الهوامش مثل البحث عن عوائد مالية رغم أهميتها.. والأندية التي تدير فرقها في مسابقة واحدة عاجزة ومفلسة ومعرضة للانهيار فما بالنا بها وهي تدير الفرق في مسابقتين، ويستحيل ان يعوض ذلك تعهد اتحاد الكرة بالصرف علي المسابقة.. كيف سيصرف عليها.. لا نعرف.. وهل سيصرف علي انتقالات الفرق وتجهيزها وتعاقداتها مع لاعبين ومدربين ورواتب ومكافآت وغيرها من أوجه الصرف. وفي هذا الاسبوع خرج عصام الحضري من السيطرة علي نفسه وسيطرة الزمالك عليه.. والتقي الاثنان عند رغبة مشتركة تري ان استمرار الارتباط مستحيل.. وهي واحدة من مستحيلات الزمالك الذي ترك اللاعب العراقي عماد محمد »يطلع من هدومه« ويهرب لانه لم يدفع ايجار السكن.. ولا يعرف مسئولو الزمالك ان هذا السلوك يضر بسمعة النادي محليا وعربيا. ولأول مرة تصبح مشاكل فريق الأهلي علي المكشوف.. لاعبون يخالفون التعاقد مع شركات الرعاية والإعلان ويتكرر ذلك منهم دون رادع.. وخلافات يصعب اخفاؤها بين أفراد الجهاز الفني، وقطيعة بين بعض النجوم ومدير الكرة هادي خشبة، وتذمر عابر لبعض أعضاء مجلس الإدارة من انفراد لجنة الكرة بكل شئون اللعبة، وهي اشياء غير مسبوقة في نادي »الكتمان«. وتجاهل غريب من اتحاد الكرة لقضية قريبة من الفضيحة عنوانها »طولان - فاروق« ومست مباشرة نزاهة التحكيم وعلاقة الأندية الخفية بالحكام.. ولو حدثت هذه الواقعة في دولة أخري لانتفض الوسط الكروي كله يتحدث عنها ولسارع اتحاد الكرة إلي التحقيق فيها.. لكن عندنا.. »لا من شاف ولا من دري«!!.. وفوجئنا بالحكم القضائي بعودة مجلس إدارة اتحاد الجمباز »المنحل« ونحن الذين توقعنا خسارته للقضية علي ضوء ما ورد الينا من مستندات تؤكد صحة اجراءات انعقاد الجمعية العمومية واسقاط المجلس.. لكن في نهاية الأمر لا مفر من احترام احكام القضاء. وفي هذا الاسبوع كذلك يمتد بنا الشغف واللهفة لمعرفة مصير إدارة الزمالك وإدارة اتحاد الكرة بتأجيل الأحكام وان لفت انتباهنا ان منتصر الزيات محامي سمير زاهر تحدث في التليفزيون مشددا في كلماته ومخارجها ان زاهر هو الرئيس المستمر في مقعد الرئاسة بالاتحاد.. ثم لفت انتباهنا وجه مرتضي منصور الغاضب وهو يتحدث عن تأجيل الحكم ويقدم مبادرة التنازل مقابل تنازل اخر من ممدوح عباس عن ال24 مليون جنيه التي دفعها للزمالك وحصل بها علي شيكات.. ولم يكن هناك رد فعل علي المبادرة.. يبقي مستر مانويل جوزيه الذي نتابعه وهو في السعودية كما لو كان بيننا.. ويبدو انه في الطريق إلي الرحيل سالكا رحلة العودة من جدة إلي الرياض، بينما يتحرك الأهلي لاستقباله.. لان الاثنين تأكدا من استحالة حياة كل منهما بعيدا عن الآخر. هذا كان حصاد أسبوع واحد من شغب »المكاتب« الذي كان أكثر اثارة وبجاحة من شغب الملاعب.