ما أصعب أن يفقد الانسان الامل ويتملكه اليأس فلا يبق له باب للخروج من غمته. لا أحد لاقي ظلماوقسوة وعذابا مثل معتقلي جوانتانامو الذين عاني معظمهم السجن 11 عاما دون توجيه اتهامات لهم او تقديمهم للمحاكمة ولاقوا من صنوف العذاب ما لا يتحمله بشر. اليوم بقي في معتقل جوانتانامو 166 اسيرا رأت السلطات العسكرية الامريكية انه يمكن اطلاق سراح 86 منهم لأنهم لا يشكلون اي خطر علي امريكا او حلفائها. عدد صغير جدا اعتبرتهم شديدي الخطورة واحتجزتهم في جزء بعيد من المعسكر بينهم خالد شيخ محمد الذي تتهمه السلطات الامريكية انه العقل المدبر لاحداث 11 سبتمبر 2001 وهم في انتظار مثولهم امام القضاء العسكري. معتقلو معسكر »6« في جوانتانامو وعددهم 133 دخل اضرابهم عن الطعام شهره الثاني.. فلم يعد امامهم وسيلة للإحتجاج سوي اجسادهم. اما سبب الاضراب الذي شارك فيه معظم المعتقلين -بإستثناء المسنين والمرضي- فقد كان احتجاجا علي اطلاق احد الحراس الرصاص المطاطي من احد ابراج الحراسة فأصاب احد زملائهم اثناء تجمعهم في فترة الفسحة.. وهي المرة الاولي التي تستخدم فيهاطلقات مطاطية. اما الامر الثاني الذي اثار غضبهم ودفعهم للاضراب فكان مصادرة الحراس لمتعلقاتهم الشخصية اثناء التفتيش الروتيني للزنازين.. والاستيلاء علي رسائلهم الشخصية وصورهم العائلية ورسائل محاميهم ومسابح.. واتهامهم للحرس بتدنيس القرآن اثناء تفتيشه بلمسه دون ان يكونوا متطهرين. تقلل السلطات العسكرية الامريكية من اعداد المعتقلين المضربين عن الطعام وتقدر عددهم بحوالي 22 جنيها فقط.. وقد اجبرت بعضهم علي تناول الطعام قسرا باستخدام مزيج من المواد الغذائية السائلة بانبوبة تدخل من الانف مع تقييدهم لمنع تدهور حالتهم الصحية.. وقد فقد بعضهم ما بين 9 و14 كيلوجراما من اوزانهم منذ الاضراب.. ويخضع عدد منهم للعلاج من الجفاف في مستشفي المعتقل. اما محامو المعتقلين فقد بعث 55 منهم برسالة الي وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل ينبهونه الي خطورة الأمر وان صحة المضربين تتدهوربشكل يثير القلق كما يحثونه علي اللقاء معهم والوصول الي حل مع المسئولين العسكريين في معسكر جوانتانامو والتعامل مع الاسباب وراء الاضراب. لقد بقي معظم المعتقلين 11 عاما في هذا المكان الكئيب بلا امل في الخروج يوما للحياة.. والعودة لبلادهم ورؤية ذويهم.. وعاشوا في ظروف مروعة من سوء معاملة واهانات وتعذيب نفسي وجسدي واصبح المعتقلون لا يرون ضوءا في نهاية النفق.. لذا قرروا الاضراب احتجاجا علي الحبس اللانهائي لاجل غير مسمي انهم يعيشون بعيدا عن بلادهم واهلهم آلاف الأميال في اعتقال بلا نهاية وبلا امل في الحرية. لقد افتتح معتقل جوانتانامو في 11 يناير 2002 ووضع الاسري الذين تم القبض علي معظمهم في افغانستان في 2001 بتهمة الانتماء لطالبان والقاعدة في اقفاص في العراء.. ثم تم بناء ابنية اسمنتية في مايو 2002 واستقبل المعتقل 779 اسيرا من 30 دولة. لم تتم ادانة سوي 6 معتقلين امام اللجان العسكرية واحالة 7 للمحاكمة واصبح المعتقل رمزا لحجم تجاوزات حكومة بوش للحرب ضد الارهاب.. وفقدت امريكا سمعتها ومصداقيتها في العالم لممارستها التعذيب.. لقد كان المعتقلون لا يخرجون من زنزاناتهم المضاءة ليلا ونهارا سوي ساعتين فقط.. والمعتقلون الاكثر خطورة يرتدون زيا برتقاليا بينما الغالبية ترتدي زيا بيج.. اما المتعاونون فيرتدون اللون الابيض.لقد وعد اوباما في فترة رئاسته الاولي باغلاق معتقل جوانتانامو في كوبا الذي كان يشكل سبة في جبين امريكا.. ووقع بالفعل علي قرار بذلك.. لكن الكونجرس اصدر قانونا بمنع اغلاق جوانتانامو ومنع استخدام المال العام لنقل معتقلين لامريكا او اي دولة ثالثة.. وفرض احالة المتهمين بالارهاب لمحاكم عسكرية.. وان كانت ظروف الاعتقال تحسنت بعض الشيء في عهد اوباما. فك الله اسركم وفرج كربكم ايها المعتقلون في كل مكان.