في الغابة المترامية الاطراف الواسعة والتي يتعايش فيها كل الحيوانات والطيور وقد ألفوا التعامل مع بعضهم البعض حتي الاسد ألفوا التعامل معه ولكن كانت هناك علي اطراف الغابة شجرة ضخمة فروعها مليئة بالاوراق بدت كأنها جبل من الخضرة البديعة وكان يعيش بين افرعها مئات من العصافير، علم كل منهم عشه الذي بناه بتعب في جمع القش من هنا وهناك ليبني عشه وكانوا يطيرون هنا وهناك ويعودون عند الغروب هانئين بما اكلوه من الثمار وما شربوه من النهر ويدخل كل منهم عشه استعدادا للنوم ليستيقظوا عند شروق الشمس وكان يحكم الشجرة طائر الهدهد الحكيم فاذا اختلفت العصافير عقد محكمته واستمع اليهم وحكم علي المخطيء بالانفراد في عشه بعيدا ويعود الهدوء للشجرة ويعتذر المخطيء عن خطئه ويعودون هانئين سعداء وتعود الحياة هادئة فوق الشجرة وكانت حياتهم علي الشجرة بنظام، يعيشون مثل اي مجموعة متحابين وكانت حياتهم مثال المجتمع المنظم وكانت عصافير الغابة تعيش في هدوء وسعادة في رعاية الهدهد الذي ينظم لهم كل شيء. وفجأة جاء للهدهد شيخ الدبابير يستأذنه في ان يبني هو وأولاده عشهم علي الشجرة فقال له الهدهد: - مرحبا بك صديقا في السلام مدافعا في الشدة. وشغل الدبابير تجويف في جزع الشجرة وسكنوا فيه وبدأوا يمارسون حياتهم في الخروج في الصباح لجمع الرحيق وما يحبون من الحشرات التي يتغذون عليها ثم يعودون في المساء الي مكانهم في التجويف في ساق الشجرة. وتكاثر الدبابير حتي ضاق بهم العش فطلبوا من الهدهد ان يسمح لهم ببناء عش في تجويف ثان في ساق الشجرة في مكان مرتفع يطل علي اعشاش العصافير وقال لهم الهدهد: - انا سوف اسمح لكم بشرط ألا يصعد احد منكم الي أعلي حيث العصافير الآمنة في اعشاشها. فقال شيخ الدبابير: - نحن لا نتعدي ولا نعتدي ولكن اذا طلبت منا العصافير المساعدة فسوف لن نتأخر. وصعدت الدبابير الي العش الجديد واقاموا حفلا ابتهاجا بالصعود الي قرب أفرع الشجرة. وفي احد الايام جاء الغراب غازيا هو واسرته بعد ان اثمرت الشجرة ليأخذوا الثمار... وخافت العصافير فطلبت مساعدة الدبابير الذين وافقوا علي المساعدة وانقضوا علي الغربان يوسعونهم لدغا حتي طردوهم. وبدأت الدبابير تختلط بالعصافير وانتشروا بين اعشاشهم والتصقوا بفروع الشجر يبنون اعشاشا لهم بين الفروع وكان الهدهد في مهمة صلح بين الببغاوات في الناحية الثانية من الغابة وعاد الهدهد ليجد الحال قد تبدل في الشجرة السعيدة فقد سيطر عليها الدبابير تماما واصبح شيخهم يتحكم في توزيع الثمار وتوزيع الاعشاش وتغيرت اخلاق العصافير وبدأوا يختارون من الدبابير من يدافع عنهم فينحازون اليه وحاول الهدهد ان يتحدث فطغي صوت الدبابير علي صوته ولاحظ ملحوظة جديدة علي العصافير المغردة الوديعة لقد تغيرت اصواتها واصبحت مناخيرها اطول واصبحت الثمار تتفتت وتقع تحت الشجرة لينقض عليها الدبابير ولا تطولها العصافير وحاول الهدهد ان يجمع العصافير حوله ولكنهم من خلال خوفهم من الغربان واعتقادهم بحماية الدبابير فألتفوا حول الدبابير لدرجة انهم تدربوا علي تحمل لدغ الدبابير ونسوا صوت الهدهد وحكمته ومقدرته علي حمايتهم... ووصل شيخ الدبابير الي حكم الشجرة بكل من عليها من عصافير وحتي الغربان اصبحت تخاف شيخ الدبابير وتختفي منه في اعشاشها.. اما الهدهد فقد بدأ يغرد بصوته الجميل اغنيته المعروفة التي يقول فيها: »وحدوا ربكم... وحدوا ربكم« وطغي غناؤه علي صوت الدبابير وعادت العصافير تلتف حوله وتغني هي الاخري وبدأ الهدهد يطير ويشير لهم وطاروا معه وتركوا الشجرة للدبابير ولكن الهدهد جمعهم وقال لهم: - لابد ان نعود لنبني اعشاشنا أعلي الشجرة ولا يمكن نترك لهم شجرتنا الجميلة بهذه البساطة وعلينا ان نساعد الغربان. واجتمع بهم شيخ الغربان واتفق معهم علي خطة بحيث يهرب الدبابير ويعودون لشجرتهم الجميلة وكانت الخطة بأن يتفقوا مع الثعبان الذي يعيش في جحر تحت الشجرة والذي تخاف منه الدبابير وطلبوا من شيخ الغربان ان يبحثوا له عن طعام للثعبان فطلب منهم ان يأتوا له ببعض البيض الذي يحبه الثعبان ويضعوه في تجاويف الشجرة ويوصلوه الي أعلي الشجرة، وكانت حيلة ذكية جدا فحينما وضعوا البيض في تجاويف الشجرة وبدأ الثعبان يصعد ويأكل كل بيضة تقع في طريقه وحينما وجد الدبابير ان الثعبان يصعد ويأكل البيض بدأوا يطيرون تاركين اعشاشهم وتركوا الشجرة خوفا من الثعبان وهكذا انتصر العصافير بعد ان نفذوا مخطط شيخ الغربان وهكذا استطاعت العصافير ان تعود الي أعشاشها فوق الشجرة بالتعاون مع الهدهد وشيخ الغربان واصبحوا في حماية الهدهد الذكي والغربان القوية.