بلد الحضارة تنهار علي أيدي مافيا الفساد التي استشرت كالثعابين السامة في قلب الوطن.. ففي غياب القانون يستمر مسلسل البلطجة، والتعديات علي نهر النيل من أكبر صور البلطجة، لم يسلم هذا النهر العظيم الذي حبا به الله سبحانه وتعالي مصر، وبدلاً من المحافظة عليه يستمر مسلسل إهانته والتعدي عليه وعلي حضارة مصر، سرقوا منا المال والوطن خلال العهود الثلاث الماضية، ويستمر المسلسل لسرقة شريان الحياة من دمائنا..! لقد شهدت العقود الثلاثة الماضية تعديات فاضحة علي نهر النيل، لبناء المنتجعات السياحية والنوادي ووصلت إلي ردم أجزاء من مياهه الغالية لبناء البيوت والفيلات ليستمتع بها رجال الأعمال المصريين والعرب والأجانب، لتحجب مياهه وتحرم علي المصريين الاستمتاع بها.وحتي وصلت إهانة النهر إلي حد إلقاء مياه الصرف في جوفه الطاهر من المصانع والفنادق المقامه علي ضفافه ليشربه المصريون ويصابوا بالأمراض المزمنة ، فضائح التعدي علي نهر النيل من شمال مصر إلي جنوبها لا تنقطع، والإصرار علي إهانته مستمر، وآخر هذه الفضائح ماحدث في مركز الواسطي بمحافظة بني سويف, من ردم مساحات شاسعة من نهر النيل لاقامة مساكن ومطاعم عليه, وقيام احد المواطنين بردم مساحة كبيرة منه لانشاء ملعب خاص لكرة قدم ليقوم بتأجيره وكأن النيل ملك له..! أي فساد هذا، وأي شيطنة..! وإذا كنا نطالب بمحاكمة وإعدام الفاسدين، فعلينا أن نطالب بمحاكمة وإعدام المتعدين علي هذا النهر العظيم ألف مرة لأنه تعدي علي الأرض والتاريخ، لقد شاهدت الفيديو الذي عرضه الزميل جابر القرموطي ببرنامجه " مانشيت " منذ عدة أيام، سيارات نقل وجرارات محملة بالردم تلقي ماتحمله في نهر النيل للبناء عليه، وصلت إلي مائة متر داخل النيل تحت سمع وبصر وبعلم المسؤولين بالمحافظة وشرطة المسطحات المائية ومجلس المدينة ومسئولي الري دون أي تحرك إيجابي، يكفي ماقاله أحد المسؤولين لمواطن مصري شريف اتوجع قلبه وذهب لمبني المحافظة للإبلاغ فقيل له " وانت مالك مهتم بالموضوع ليه "..! أي فُجر هذا..!! لم نسلم بعد من فساد المحليات الذي كان تطهيره أول مطلب بعد ثورة 25 يناير، واستمر مسلسل الفساد وتضاعف مئات المرات، لقد وضعت شرطة المصطحات المائية ووزارة الداخلية القانون جانباً بعد أن وصل عدد الشكاوي والمحاضر إلي أكثر من 120 محضرا وشكوي من المواطنين الموجوع قلوبهم علي إهانة نهر النيل وطالبتهم بالتفاوض مع المخالفين ودياً دون تدخل..! هؤلاء أيضاً يجب أن يحاكموا علي هذا الإهمال المتعمد في تطبيق القانون لقد امتد الفساد منذ العهود السابقة ليس بسرقة أموال المصريين وبيع أصول الدولة من البنوك وشركات القطاع العام فقط بل ليشمل سرقة شريان الحياة من دمائهم، فضائح التعدي علي نهر النيل لم تنقطع، وليس عندي أمل فيما ستسفر عنه تحقيقات النيابة العامة بشأن التعديات علي نهر النيل، وأتخوف من عدم تنفيذ تكليف رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة ووزير الري بالتعامل بحزم مع جميع المخالفات والتعديات المقامة علي النيل، والتي زادت بعد حالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد بعد أحداث ثورة 25 يناير، سواء علي مجري النهر أو علي أرض طرح النهر، ليس عندي أمل بعد أن قرأت بعض التصريحات لمصادر من وزارة الري بشأن التعديات الجسيمة التي ارتكبت في عهد النظام السابق والتي أكدت أنه لن يتم إزالتها ولن يتمكن أحد الاقتراب منها حتي لو أصدر الرئيس قراراً بإزالتها لأنها تمتلك تراخيص..! رغم أن مخالفتهم صارخة وتستوجب الإزالة لاعتدائهم الجسيم علي حرم النهر، نريد قراراً حازماً يطبق علي جميع التعديات علي نهر النيل الحديثة والقديمة حتي لو كانت تمتلك التراخيص احتراما لمصر واحتراماً للتاريخ واحتراماً للحضارة، واحتراماً لهذا النهر العظيم الذي جذب الدارسين بمعظم بلدان العالم لاكتشاف مجاهله، هذا النيل العظيم الذي أطلق علي مساقطه وبحيراته وروافده أسماء ملوك الحضارة، هذا النيل العظيم الذي شهدت ضفافه كفاح المصريين منذ آلاف السنين، وحلت بركته علي المصريين منذ فجر التاريخ، مصر هبة النيل يامن تقومون بردمه وهدمه وإهانته وسيلعنكم التاريخ وسيكفيكم الله علي وجوهكم يوم القيامة.