" كلنا نبحث عن السعادة ونجهل انها صناعة يدوية ، نبحث عن الامان وهو كائن بداخلنا، يالنا من تعساء " ، وجدت هذه الكلمات العميقة الجميلة علي حائطي بموقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " ، صاحبتها هي الزميلة الكاتبة زينب عفيفي ، فلتسمح لي ان استعيرها منها . تأتيني يوميا علي صفحتي بالفيس بوك مئات العبارات، والاخبار، والصور،والحكايات، والتعليقات ،والمقالات القصيرة والطويلة ، ومقاطع الفيديو ، والرسوم الساخرة ، وكروت التهاني ، والالعاب التي يرسل بها البعض ، عالم مزدحم بكل شيء ، وعليك ان تنتقي منه ما يلفت انتباهك أو يثير فضولك ، وإلا ستجد نفسك مستغرقا في الابحار حول ما لا ينتهي، وللأسف فأنا من هذا النوع المستغرق في التلقي والتجاوب، والاحتفاظ بما يستحق الارشفة والتوثيق ، والتفاعل مع ما يحرك عقلي من عبارات عميقة ذات دلالات كالتي طرحتها الزميلة " عبير سعدي »قائلة« أسهل شيء هو أن تحكم علي الناس،أصعب شيء فهو أن تفهمهم، نحتاج ميسرين للحوار حتي لا تكون اختلافاتنا خلافات بل اثراء لأفكارنا و تقبلا للآخرين " ، نعم .. كثير منا يحكم قبل أن يفهم! .. ها هو الصديق العزيز اللواء طيار يحيي جاد الذي امتعنا بمؤلفاته المسرحية ينقل لنا حكاية عبر الفيس بوك يقول فيها " وانا ماشي لقيت راجل في عربيته ماسك مراته وهات يازعيق وقلة ادب والست قاعدة جنبه شايلة ابنها وهات ياعياط، الرجولة الصح هدهده وطبطبة وحنان واحتواء وأمان ومسئولية ، ماهياش شنبات وصوت عالي وجعير،شوف الحكايه دي، تزوج رجل من امرأة جميلة جدا ،اصيبت بمرض شوه وجهها، كان زوجها مسافرا وعلم بما جري لها وهو في الخارج ، عند عودته سأله الجميع عن سر تأخره فأخبرهم انه أصيب في حادث أدي إلي فقدانه البصر ،أكمل الزوجان حياتهما بنفس درجة الحب،توفيت الزوجة وبعد انتهاء اجراءات الدفن أكتشف الجميع ان الزوج ليس بأعمي وانه ادعي ذلك للحفاظ علي حبه لزوجته ، اراد ان يقول لها اذا كفت قد فقدت جمالك بالمرض فأنا فقدت بصري في حادث ، وبالحب نستطيع ان نستكمل حياتنا معا " ، فعلا الحب الصادق يصنع المعجزات ، وبدون الحب نصاب بعمي البصر والبصيرة . هذه القصة تذكرني بقصة السيدة التي انتظرت زوجها في احد المقاهي ، لفت انتباهها شاب ينظر نحوها مبتسما ، لم تعره اهتماما ،مرت فترة وهو علي نفس النظرة ، جاء زوجها فأخبرته بالموقف ، اتجه نحو الشاب ، لكمه لكمة قوية طرحته ارضا، أخذ زوجته منصرفا من المكان وهو لا يري الناس وهي تعين الشاب في النهوض عن الارض، وهو لا يري الشاب وهو يعيد نظارته السوداء إلي وجهه، وهو لا يري الشاب وهو يتحسس طريقه بالعصا التي ترافقه خارجا من المقهي ، وهو لا يدري ان هذا الشاب المبتسم للحياة هو بالاساس فاقد للبصر لا يري ما حوله ، لأن كل ما حوله هو ظلام ، ظلام يعبر عما بداخل هذا الزوج الغبي المتسرع ، وما أكثر الأغبياء الذين لا يرون الأشياء علي حقيقتها، يرونها بأندفاع ، بعمي أزلي، بانعدام البصيرة ، بكراهية تقتل الرؤية، بفقدان تام للمحبة وروح السلام !