فجأة تحولت كلمة السر التي لعبت دورا كبيرا في نجاح وصمود ثورة 25 يناير حتي اسقاط النظام السابق الي النقيض . وانقلب المشهد من شعب متلاحم متعاون متوحد بمختلف انتماءاته وعقائده وطوائفه بميادين مصر في سبيل الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية الي تجمعات متفرقة واشتباكات متواصلة بين مؤيدي " الاخوان" ومعارضيهم و بين أنصار تيارات ليبرالية ودينية بل وبين أهالي ضحايا"مذبحة بورسعيد" من ألتراس الأهلي وأسر المتهمين من شعب بورسعيد مع ما يتخلل هذه المشاهد بالميادين أحيانا من مناوشات ومواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الشرطة . تري ماذا حدث بعد نجاح الثورة لتتحول اليد الواحدة المستبسلة من أجل مصلحة الوطن الي آياد متعاركة تفسح المجال للبلطجة وذوي المصالح السياسية سواء من "الفلول" أو التيارات الطامحة في انتزاع السلطة من النظام ؟..بمعني اخر ماذا فرق هذا الشعب قبل أن يحصد ثمار ثورته ؟ . ربما تكون الاجابة- وفق كثير من التحليلات السياسية -عدة أسباب مجتمعة منها تصاعد المصالح الفئوية وتصارع الفصائل السياسية علي اقتسام "كعكة الثورة" والقفز الي السلطة وغياب الشباب النبيل الذي فجر الثورة دون أطماع شخصية عن المشهد السياسي نتيجة تهميشه وما يحاك من مؤامرات داخلية وخارجية من أنصار الثورة المضادة ، ولكن الأهم من كل ذلك ان الشعب لم يلمس بعد عامين من الثورة أي تغيير حقيقي في السياسات أو الخدمات أو الحريات أو حتي بادرة أمل لتنفيذ الوعود بتحسين مستوي معيشته والسعي لنهضة وطنه بل وجد نفسه محاصراً بالأزمات والكوارث، ما دفع البعض الي التعبير عن غضبه بالعنف ومخاصمة الاخر الذي يبدو في نظره متهما بضياع أهداف الثورة . وأيا كانت اسباب انقسامات المجتمع الآن ، فالتحدي الكبير الذي يواجهنا جميعا .. كيف نستعيد مفتاح الوحدة والتوافق الوطني اذا أردنا استعادة دفة الثورة قبل فوات الأوان ، ولاشك أن الثوار الاصليين يبحثون عن هدف قومي جديد يجمعهم ويجعلهم ينسون توجهاتهم ومصالحهم لكن لابد ان تتعاون معهم القيادات بكل أدواتها الوطنية من أجهزة اعلام وتعليم وتثقيف ومنظمات المجتمع المدني من خلال الابتعاد عن ترويج الشائعات والتصدي لحالة الاستقطاب السياسي و توظيف طاقات الشباب من مختلف التيارات في مشروعات قومية تحل مشكلات المجتمع وافساح المجال لهم في البرلمان والمجالس المحلية والحكومة للمشاركة في حماية الثورة التي ضحوا بالكثير من أجلها دون حجر علي أفكارهم ومبادراتهم مع دعمهم بالخبرات والامكانيات . واعتقد ان تجاوز مشاهد العنف والتخريب والبلطجة الي ملاحم البناء والتعمير والانتاج يعتبر هدفا بل حلما كافيا لتوحيد الجميع حتي ترسو سفينة الوطن علي برالامان ؟.ولكن يبقي التساؤل .. متي تبادر القيادات الحاكمة بخطوة علي طريق "توحيد أيادي البناء " لانقاذ ما يمكن انقاذه من أحلام الثورة ؟. كاتبة المقال : إعلامية مصرية