لماذا لا نتعلم من درس نيلسون مانديلا؟ ولماذا لا نستفيد من تجربة جنوب افريقيا للتسامح الوطني وتجاوز مخلفات الماضي؟ ولماذا لا نأخذ العبرة من السود والبيض هناك للاستفادة المشتركة وإعادة بناء الدولة؟ ولماذا لا تحدث المصالحة مع رجال الأعمال كما طرحها حسن مالك العضو القيادي في الاخوان الذي ينظر الي مصلحة مصر اولا وفوق اي اعتبارات حزبية أو رؤي لمحاسبة الذين كانوا يعملون في ظل النظام السابق ولم يرتكبوا اثما ولم يتورطوا في الفساد؟ حان الوقت لرؤية جديدة من جانب الحكم الحالي للاستفادة من خبرة ونشاط رجال الاعمال المصريين الذين خرجوا بأموالهم في مواجهة دعاوي الانتقام التي اطلقتها قوي متطرفة بعد 52 يناير وكأنما كان كل رجال الاعمال من الفاسدين.. ولكن حسن مالك رئيس لجنة التواصل بين الرئاسة والمستثمرين ورئيس جمعية ابدأ طرح مبادرة برؤية واعية في ظل الظروف الصعبة التي يجتازها الاقتصاد المصري وقال إن الرئيس محمد مرسي يدعم بقوة مبادرة المصالحة التي اطلقها خلال مشاركته في مؤتمر الترويج للاستثمار في لندن مؤخرا وشارك فيه عدد كبير من مؤسسات الاستثمار المحلية والعالمية.. وكشف مالك عن نجاح ملموس للمبادرة تكمن في استجابة عدد من رجال الاعمال المصريين الموجودين بالخارج خلال الفترة التي اعقبت الثورة في العودة لتسوية اوضاعهم المالية مع اجهزة الدولة واستئناف نشاطهم المشروع.. حيث تشهد الايام القادمة عودة ياسين منصور وحامد الشيت وساويرس وغيرهم.. واشار الي انه سيتم عقد مؤتمر بالتعاون مع الحكومة للاعلان عن تفاصيل المصالحة والتي تشمل كل رجال الاعمال الذين لم تصدر ضدهم احكام او متهمين في قضايا جنائية. والسؤال: لماذا أطلق مالك مبادرة المصالحة؟ واقول: من واقع دور المجتمع المدني وممثلي العمال في مساندة الاقتصاد المصري واستعادت عافيته والتي تتم بمشاركة جميع ابناء الوطن والقطاع الخاص.. وحسب قول مالك: إن الواضح ان الحكومة واجهزة الدولة تعمل حاليا في هذا الاتجاه.. وانه سيواصل خلال مشاركته في مؤتمر دافوس من اجل استعراض التطورات الايجابية في السوق المصرية من اجل تهيئة مناخ الاعمال وجذب الاستثمار واتمام المصالحة مع المستثمرين لازالة حالة القلق لدي بعض دوائر الاستثمار.. وقد طرح حسن مالك مبادرته من خلال رؤية مستنيرة وحس واع بالظروف الاقتصادية التي تستلزم اسهام رجال الاعمال الشرفاء الذين يريدون العودة والاسهام في دفع عجلة الاستثمار في مصر وهو ما نتج عن الاتصالات معهم! ويمكن ان يقال بواقعية: إن هذه المبادرة لإجراء المصالحة او التصالح مع رجال الاعمال واثبات حسن النوايا تجيء في وقتها بعد الحال المتردي الذي وصل اليه الاقتصاد المصري بعد هروب الاستثمار علي مدي عامين. وبعدما وصل عجز الموازنة الي حوالي 081 مليار جنيه واكثر وصار من الضروري الاسراع بايجاد حلول شجاعة وعملية، ومنها المصالحة مع رجال الاعمال الذين اضطروا الي المغادرة للخارج بأموالهم ويتجهون الي سحب استثماراتهم بعد الثورة بسبب المخاوف، وهكذا توقفت المشروعات الاستثمارية وتراجع الاحتياطي الي اقل من النصف خلال عامين. وفي اطار ذلك: فإن المبادرة تحظي حسب قول مالك بدعم الرئيس مرسي لكي يخرج الاقتصاد المصري من عنق الزجاجة. كما أن المبادرة تفتح الباب امام اعادة رؤوس الاموال الهاربة من مصر لكي تشارك في الاستثمار المطلوب. ان المبادرة بالتصالح تشجع علي الاستفادة من خبرة المستثمرين المصريين ولا يقتصر الامر علي العرب والاجانب الذين تأكدت عدم تورطهم في عمليات فساد او جرائم جنائية في العهد الماضي. ان المبادرة تعتمد علي الروح الايجابية لدي رجال الاعمال المصريين الموجودين في الخارج واستجابتهم لموقف الرئيس مرسي الايجابي لتسوية أوضاعهم. ويبقي ان اتساءل: هل يمكن ان نستفيد من درس مانديلا الزعيم الافريقي الثوري وهل يمكن ان نضع حدا لتصفية الحسابات وطي صفحة الماضي كما حدث بين البيض والسود في جنوب أفريقيا؟ لعل وعسي!