النظام الجديد لتوزيع رغيف العيش المدعوم الذي تحدث عنه وزير التموين الجديد ليس جديدا! فهذا النظام الجديد سبق أن تحدث عنه قبل سنوات وزير التضامن الاجتماعي الأسبق د.علي مصيلحي.. فمنذ عام 2009 وحكومة د.نظيف كانت تتأهب لتحرير سعر الدقيق وتوزيع ثلاثة أرغفة لكل مواطن، وذلك للقضاء علي تسرب دعمه إلي أصحاب مزارع الدواجن والأسماك، من خلال عدد من أصحاب المخابز الذين يتاجرون في الدقيق المدعوم ويحققون ثروات كبيرة. لكن الاستعداد للانتخابات البرلمانية في عام 2010 أرجأ تنفيذ هذا النظام.. وبعد 25 يناير فكر د.جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعي السابق في تحرير سعر الدقيق، أي بيعه للمخابز بسعر السوق غير المدعوم وبيع الرغيف في مراكز التوزيع بالسعر المدعوم دون تحديد عدد من الأرغفة لكل مواطن يوميا، وذلك لتفادي احتمال تحديد عدد من الأرغفة لكل مواطن لا تكفيه، خاصة أن العيش المدعوم يعد هو الطعام الأساسي لمن يشترونه، لان دخولهم لا تكفي لشراء أنواع أخري من الطعام كاللحوم والدواجن والأسماك بل حتي الخضر والفاكهة. أما الآن فإن الحديث المنسوب لوزير التموين الجديد هو عودة لذات النظام الذي سبق أن تحدث عنه وزير التضامن الأسبق د.علي مصيلحي، وبدون التعديل الذي أجراه عليه وزير التضامن السابق د.جودة عبدالخالق.. أي العودة لفكرة توزيع ثلاثة أرغفة مدعومة يوميا للمواطن الواحد بعد تحرير سعر الدقيق، حتي لو كانت لاتكفيه.. بل البدء في تجربة هذا النظام في مدينة بورسعيد، مؤقتة لتعميمه في جميع انحاء البلاد مستقبلا. ويأتي ذلك بالطبع في إطار المبادرة الاقتصادية الجديدة لحكومة د.هشام قنديل التي تستهدف تخفيض عجز الموازنة، من خلال تخفيض الانفاق العام، والذي يحتل الدعم نسبة كبيرة منه ومن المؤكد اننا ازاء أزمة اقتصادية تحتاج لعلاج عاجل.. لكن المفروض بعد 25 يناير أن يختلف أسلوب هذا العلاج عما قبله. لقد كنا قبل 25 يناير ننتهج سياسات اقتصادية وان كانت قد حققت معدلا مرتفعا للنمو الاقتصادي حتي عام الأزمة المالية العالمية 2008 فإنها في ذات الوقت زادت من معدلات الفقر وزيادة أعداد الفقر في البلاد مع زيادة الضغوط علي أبناء الطبقة الوسطي.. واذا قررنا أن نسير في ذات الطريق نحن سوف نحصد ذات النتائج في نهاية المطاف.. أي مزيد من الظلم الاجتماعي بينما من خرجوا في 25 يناير كانوا يرفعون شعار العيش الكريم والعدالة الاجتماعية مع الحرية والكرامة. وهكذا نحن نحتاج لعلاج جديد للأزمة الاقتصادية يراعي هذه الأهداف.. كما يتعين ألا يقتصر هذا العلاج علي حل مشكلة الحكومة وحدها والمتمثلة في عجز الموازنة وزيادة الديون، انما يجب أن يشمل هذا العلاج أولا حلا لمشكلة المواطنين والمتمثلة في بطالة متزايدة، وتضخم وارتفاع في الاسعار لا يتيح لهم مستوي معيشة مناسبة وآدمية.