رغم انتهاء الحكومة من اعداد الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2011-2012 فإنها تعد موازنة من نوع خاص وتأتي في ظروف خاصة جدا لم تشهدها مصر من قبل .خاصة لانها تعد اخر موازنة في الخطة الخمسية الحالية وفي ظروف خاصة لانها موازنة ثورة وموازنة ازمة في نفس الوقت . لذلك لم يكن غريبا ان تؤكد الحكومة ان الخطوط العريضة لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العام المالي الجديد تهدف الي تلبية الاحتياجات المجتمعية وتحقيق الكرامة للمواطن المصري ففي الوقت الذي كان الاقتصاد المصري يحقق نموا ايجابيا علي مدار العشر سنوات الاخيرة الا انه لم يكن يشعر المواطنون في العديد من المحافظات بنتائج التنمية وهذا كان الخطأ الذي وقعت فية الحكومات السابقة لكن اليوم يحتل البعد الاجتماعي الاولوية في الخطة. رغم هذه التوجهات الا ان هناك العديد من المخاوف المشروعة التي تتنتاب المواطنين منذ ان اعلنت الحكومة عن نيتها في اعادة هيكلة الدعم في بعض القطاعات بهدف تحجيم عجز الموازنة .وفي الوقت الذي اعلنت فيه وزارة الماليه عن زيادة الانفاق العام بنسبة 20% عن العام المالي الحالي ليصل الي 514.4 مليار جنيه خلال العام المالي الجديد الا ان هناك اتجاها قويا داخل الحكومة لاعادة النظر في اشكال الدعم بل وصل الامر الي الاستعانة بالدراسات التي قامت بها الحكومة السابقة فيما يتعلق ببعض السلع الاساسية خاصة فيما يتعلق بدعم البوتاجاز ورغيف العيش.. وقبل الخوض في تفاصيل هذه السناريوهات لابد من القول ان الموازنة العامة الجديده قد تضمنت في ابوابها الرئيسية زيادة الاجور بنسبة 21.6% الي 116.5 مليار جنيه والدعم والمنح والتحويلات الاجتماعية بنسبة 18.1% لتصل الي 165 مليار جنيه كما تضمنت تخصيص 23.8 مليار جنيه لدعم المواد الغذائية و99 مليار جنيه لدعم المواد البترولية هذا بجانب زيادة مخصصات التعليم الي 55.7 مليار جنيه والصحة الي 23.9 مليار جنيه. الي هذا الحد قد تبدو الامور طبيعية لكن منذ ان سيطرت المخاوف علي دوائر صنع القرار في مصر نظرا لحاجة مصر الشديدة الي القروض الدولية والتوقعات بارتفاع العجز في الموازنة العامة الي 11% او ما يقرب من 180 مليار جنيه في ظل توقعات اخري بتراجع الايرادات العامة بنسب لا يعلمها احد بدات الحكومة في الاتجاه الي سيناريوهات كانت معدة من قبل احدها يقوم علي اعادة النظر في دعم البوتاجاز بصفة خاصة ودعم المواد البترولية بصفة عامة علي اعتبار ان مخصصاتها والتي تصل الي 99 مليار جنيه من الممكن ان تصل الي اكثر من 130 مليار جنيه اذا ما اخذنا في الاعتبار ارتفاع الاسعار العالمية. خلال الاسبوع الماضي اعلنت وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية ان الوزارة بصدد توزيع اسطوانات البوتاجاز بموجب كوبونات يتم توزيعها علي الاسر المصرية وذلك بهدف وصول الدعم الي مستحقيه والقضاء علي عمليات تهريبها الي مزارع الدواجن ومصانع الطوب وفي محاولة لطمأنة المواطنين اعلن وزير التضامن د.جودة عبدالخالق ان الوزارة سوف تستعين ببطاقات الرقم القومي لاعطاء الاسر العدد الكافي من الاسطوانات .وطبقا لمشروع الموازنة العامة فإن الدعم الموجه الي الغاز الطبيعي يصل الي 10.2 مليار جنيه علي اعتبار ان الاستهلاك السنوي يصل الي 37 مليون طن تكلفتها الفعلية تصل الي 26.7 مليار جنيه والبوتاجاز الي 4.5 مليون طن تكلفتها 16.9 مليار جنيه تمثل القيمة الحقيقية للدعم علي اعتبار ان عائدات البيع الي المواطنين تمثل 102 مليون جنيه فقط في حين ان دعم المواد البترولية الاخري مثل البنزين بكل انواعه بالاضافة الي المازوت والكيروسين والسولار والتي يصل معدل استهلاكها مجتمعة الي 27.1 مليون طن تبلغ قيمتها الحقيقية الي 98 مليار جنيه يمثل الدعم حوالي 70 مليار جنيه.. لذلك لم يكن غريبا ان يعلن مجلس الوزراء خلال الاجتماع الاخير ان وزارة التضامن بصدد الاعلان عن نظام جديد لتوزيع اسطوانات البوتاجاز ربما مع بدء العمل بالموازنة الجديده مع تحرير اسعارها في الاسواق بعد توزيع الكوبونات بموجب بطاقات الاسرة.وقدراعت الحكومة ان تاخذ في الاعتبار المتزوجين في الاسرة ولم يتم فصلهم من البطاقات التموينية. رغيف العيش لكن بعيدا عن المواد البترولية فان الملف الثاني الذي تريد الحكومة وضع حل له ولا يقل اهمية عن الملف الاول هو موضوع دعم رغيف العيش والذي يستحوذ علي اكثر من 50 % من الدعم المخصص للسلع الغذائية . في مصر الان اكثر من 24 الف مخبز تابعة للقطاع الخاص وتصل حصة هذة المخابز من الدقيق المدعوم الي ما يقرب من 700 الف طن شهريا لكن المشكلة الكبري هي ان هذا الدعم المخصص لرغيف العيش لايذهب الي المواطنين مباشرة ولكن هناك سلسلة وحلقات انتاج غالبا ما تحصل علي نسبة من هذا الدعم مثل المطاحن والصوامع هذا بخلاف الفاقد في كل هذة الحلقات والاغرب انه من عام لاخر ترتفع صرخات واصوات هذة الحلقات مطالبة باعادة النظر في تكلفة الانتاج وفي كل مرة فان هذه الحلقات ربما تحصل علي دعم من خلال انتاج العيش مثلما يحصل عليه المواطن وربما يكون اكثر وهو ما دفع الحكومة الي العودة الي المشروع الخاص بزحزحة الدعم من جميع الحلقات الوسيطة العاملة في مجال العيش لقصره علي المنتج النهائي وهو الرغيف ويقوم المشروع علي السماح للقطاعين العام والخاص بانشاء مجمعات مخابز بقدرات انتاجية عالية مع تقديم دعم من خلال توفير الاراضي اللازمة فقط وتقوم هذة المجمعات بالمشاركة في المناقصات التي تقوم وزارة التضامن بطرحها لتوريد العيش البلدي بمواصفات محددة علي ان تختار الوزارة السعر الذي يناسبها وتقوم بتوزيعه علي المواطنين بالسعر المدعوم . هذا الاتجاه يجيء بعد الضغوط التي اعتادت الشعبة العامة للمخابز ممارستها لاعادة النظر في تكلفة انتاج العيش .وبالتالي بدلا من كثرة وتعدد الحلقات الوسيطة يقتصر دور الوزارة علي دعم المنتج النهائي وهو رغيف العيش. الدعم في خطر لكن الي هذا الحد يبدو ان الامر طبيعيا لكن المشكلة لو ان الحكومة اعتمدت النصف الثاني من هذه الخطة وهو ما يعني تقليل الدعم الموجه الي العيش ان لم يكن الغاؤه .علي اعتبار ان المجمعات الكبري علي المدي الطويل لن تعمل في انتاج العيش البلدي المدعوم فقط بل ان هذه المجمعات سوف يتم تجهيزها بخطوط انتاج لكل انواع العيش سواء البلدي او الملدن بدعوي تلبيه كل الاذواق والانماط الاستهلاكية. وطبقا للمعلومات المتوافرة حول الدعم الموجه الي السلع الغذائية الاساسية من الاقماح سواء المستورد او المحلي او الزيت والسكر والارز فانه يصل الي 18.8 مليار جنيه منها 5.1 مليار للزيت 2.9 مليار جنيه للسكر التمويني و1.2 مليار للارز و43 مليون جنيه للشاي . في حين ان مخصصات شراء القمح المستورد تصل الي 9 مليارات جنيه والمحلي 6 مليارات جنيه.