المحكمة أثناء نظر القضية التأمين الصحي ملزم بصرف علاج »وفاء وأميرة« مهما بلغ ثمنه في أول تطبيق للدستور الجديد.. ألزمت محكمة القضاء الإداري الحكومة بعلاج الفقراء والعاجزين عن تدبير نفقات الدواء مجانا علي نفقة الدولة.. وألغت المحكمة قرار الهيئة العامة للتأمين الصحي بالامتناع عن صرف دواء بيتافرون مرتين أسبوعيا للمريضة »وفاء« ودواء ريمكيد ثلاث مرات اسبوعيا للمريضة »أميرة«.. وأمرت بتنفيذ الحكم بالمسودة وبدون إعلان.. صدر الحكم برئاسة المستشار د.محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين عوض الملهطاني وأحمد درويش وعبدالوهاب السيد نواب رئيس المجلس.. أوضحت المحكمة ان وفاء أصيبت بتصلبات متعددة بالنخاع الشوكي عن طريق تليف في الجهاز العصبي.. وان أميرة اصيبت بمرض تيبس في العمود الفقري والتهاب حاد في المفاصل.. وان التأمين الصحي رفض صرف العلاج لهن دون مبرر. أكدت المحكمة في حكمها ان الدولة الزمت نفسها أمام الشعب بموجب المادة 26 من الدستور الصادر في ديسمبر 2102.. بان الرعاية الصحية حق لكل مواطن وتخصص له نسبة كافية من الناتج القومي.. وتلتزم الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية وخدمات التأمين الصحي، وفق نظام عادل عالي الجودة، ويكون ذلك بالمجان لغير القادرين.. كما تلتزم الدولة بتقديم العلاج باشكاله المختلفة لكل مواطن في حالات الطوارئ أو الخطر علي الحياة، وهو ما يمثل الحد الأدني من المعاملة الإنسانية للمواطن، واضافت ان هذا الواجب الدستوري للدولة يحظر عليها التراجع عن القيام به.. ولا يجوز لها التقاعس عنه بحجة ارتفاع أسعار الدواء أو قصور في الموازنة المالية.. خاصة إذا ثبت مرض المواطن بتقارير طبية قاطعة من الطبيب المختص بالتأمين الصحي.. بما يستوجب دواء مهما غلا سعره أو يحتاج تدخلا حاسما يخفف من كاهل المريض ألمه وهو ما يستتبع صرف الدواء والموصوف له بالتقارير الطبية حتي يتم شفاؤه.. وقالت المحكمة ان التزام الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحي وفق نظام عادل عالي الجودة ليكون ذلك كله بالمجان لغير القادرين، وانه حتي تصدر السلطة التشريعية قانونا يحدد من هم غير القادرين فان المحكمة بحكم ولايتها في تحقيق العدالة تبسط رقابتها في هذا الشأن حتي لا يحرم مواطن مريض من الرعاية الصحية وتتعرض حياته للخطر بسبب تأخر صدور ذلك القانون.. فيكون غير القادر علي العلاج المجاني هو من لا يملك من قوت يومه ودخله ثمنا يكفي لتحمل أسعار الدواء وتكلفته لمواجهة المرض الذي ألم به ويشكل خطرا علي حياته حتي كان ذلك الدواء لازما حتما للبقاء علي حياته.. وبالتالي فان المعيار الذي يعتد به بشأن غير القادرين علي العلاج هو معيار موضوعي لا ينظر فيه فحسب إلي الحالة المالية للمواطن المريض وانما إلي ثمن وتكلفة الدواء مقرونا بحالة المريض المالية.. وهي مسألة نسبية تختلف من مريض إلي آخر. وأوضحت المحكمة ان القول بغير ما انتهت اليه في مفهوم غير القادرين علي العلاج المجاني من شأنه حرمان جموع كثيرة من غير القادرين من الشعب من حق الرعاية الصحية.. وانه لا يجوز للدولة تعطيل نص الدستور في علاج غير القادرين مجانا.. والا فقد النص مصداقيته امام الشعب فان لم تلتزم الدولة بمؤسساتها وأجهزتها المختلفة بجعل نصوص هذا الدستور واقعا وملموسا في حياة الشعب خاصة الفقير منه لاصبحت تلك النصوص مجرد شعار نظري لا يمس شرايين روافد الحياة الواقعية للشعب الذي ظل محروما في اخص وأغلي حقوقه في حصته بالعلاج المجاني لغير القادرين زمنا طويلا.