أبواق »أحمدي نجاد« داخل إيران وخارجها مازالت تهلل للزيارة التي قام بها للبنان في الأسبوع الماضي. و لو تصفحنا صحف »حزب حسن نصرالله« أو قناته التليفزيونية لتصوّرنا أن »المهدي المنتظر« هو الذي زار بيروت وليس الرئيس الإيراني الحالي، من فرط تهليلها وغرابة انبهارها بالزائر الذي قد لا يجود الزمان بمثله إلاّ بعد طلوع الروح (..). ولأن ما يبثه الإعلام »الرسمي« الإيراني عن الزيارة، واحتفالاتها، ونتائجها.. يصعب قبوله واحتماله، فقد بحثت عن الصورة الأخري لهذا الحدث بأقلام، وعدسات، وتفسيرات، وتوقعات، مجموعة من كبار الصحفيين والمفكرين الإيرانيين الذين اضطروا للابتعاد عن بلادهم بعد أن أغلقت صحفهم، وقصفت أقلامهم، ومُسح بكرامتهم بلاط المعتقلات التي زج بهم داخل زنازينها عقاباً لهم علي فضحهم تزوير انتخابات الرئاسة التي جاءت بأحمدي نجاد رئيساً للبلاد لفترة تالية! تحت عنوان: »سياسات نجاد أخطر من أي وقت مضي« وجهت »مجموعة الصحفيين والمفكرين والمبدعين الإيرانيين في المهجر« بياناً مهماً إلي »الشعب اللبناني العزيز«، جاء فيه: [ تطأ اليوم أرضكم قدم من لم يجلب السكينة والسلام والرفاه لإيران، كما لم يرد السلم والسلام في لبنان. إن »محمود أحمدي نجاد« الذي سرق الانتخابات في عام 2009، وأطلق علي نفسه لقب »رئيس الجمهورية« لا يمثل الشعب الإيراني. إن الإيرانيين يكنون للبنانيين احتراماً عميقاً. واللبنانيون بدورهم يحترمون ممثلي شعبنا الحقيقيين، ويحسنون استقبالهم والترحيب بهم كما شهدنا منهم في زيارة الرئيس محمد خاتمي لبيروت في عام 2003. »خاتمي« و »موسوي« وأمثالهما هم الذين يمثلون الشعب الإيراني بحق. ولو كان »نجاد« قد فاز بحق في الانتخابات الأخيرة لاعتبرناه هو أيضاً ممثلاً لشعبنا حتي وإن كنا نعارض سياساته ومواقفه، لكن ما حدث أنه زوّر الانتخابات وبالتالي فقد مصداقيته في تمثيل شعبنا أمام الآخرين]. وينتقل البيان إلي فقرة تالية، جاء فيها: [ واليوم.. نري أن سياسات »أحمدي نجاد« أصبحت أخطر من أي وقت مضي لأنه ينوي تغطية سرقة نتيجة الانتخابات، بالتصعيد في مواقفه التحريضية داخل وخارج البلاد. إن وقوف »أحمدي« إلي جانب مجموعة خاصة في لبنان »حزب نصرالله« وضد الفرقاء الآخرين، يشعل فتيل الأزمة والنزاع في الداخل اللبناني من جهة محاولاً من جهة أخري إسدال الستار علي »عجزه، وفشله، وإضاعته للفرص، مما أدي إلي فرض عقوبات واسعة ضد إيران، والدفع بها إلي حافة هاوية الحرب. ولم يجد »نجاد« سوي لبنان يمسك به كورقة ضغط في تعاملاته مع الولاياتالمتحدة وباقي الدول العظمي]. بيان المعارضة الإيرانية ينتقل من السياسة إلي الأموال، فيقول مخاطباً اللبنانيين: [ توقعوا أن يغدق »نجاد« عليكم بالوعود المالية المغرية. لكن تأكدوا من أن الوضع المتردي للاقتصاد الإيراني نتيجة فشل النظام وحكومته أسوأ وأفدح من أن يفسح أمامه المجال للوفاء بوعوده الوهمية والخيالية. الرجل جاء إلي بلادكم من أجل هدف واحد، هو:»الاستعراض السياسي« لشخصه، فقط، ولا يهمه ما حدث، أو ما سيحدث، للبنانيين تماماً كما لم يهتم بما حدث للإيرانيين من قبل، وما سيحدث لهم من بعد]. ولا فرق بين موقف إسرائيل، وموقف إيران من سلام المنطقة. فعندما اختار العرب السلام وأطلقوا مبادرتهم للسلام مع إسرائيل علي أساس طرح قدمته السعودية في قمة بيروت عام 2002، وينص علي الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها مقابل انسحابها من جميع الأراضي المحتلة بعد يونيو1967، وتشكيل دولة فلسطينية مستقلة، كان من المتوقع أن تسارع إسرائيل بالموافقة عليها لكن المفاجأة أنها لم تقبل المبادرة، ولم ترفضها! فالموافقة تنسف أحلامهم في تحقيق »إسرائيل الكبري«. والرفض يقطع الاتصالات ويغضب العواصم الكبري خاصة أمريكا، كما ينزع من إسرائيل لافتات وشعارات ضعفها، واستكانتها، ورعب سكانها من نشوب حرب جديدة ضدها. وأفضل شيء بالنسبة لإسرائيل هو أن تستمر في مقولتها الدائمة، الثابتة: » نعم.. ولكن؟« رداً علي كل المبادرات والاقتراحات والحلول والمفاوضات والاتصالات الساعية والمبذولة من أجل سلام المنطقة. .. وللحديث بقية..