محيى عبدالرحمن كان الشعراء يقصدون ابواب الملوك والخلفاء لنيل العطايا، فمن اعطاهم مدحوه ومن منعهم هجوه، وكان الخلفاء والامراء يجزلون لهم العطايا اتقاء لشرهم ، ولما تولي الخلافة عمر بن عبدالعزيز اجتمع الشعراء ببابه فلم يأذن لهم بالدخول،فاحتال الشاعر جرير في الدخول ولما وقف بين يدي عمر بن عبدالعزيز انشده قائلا: إنا لنرجو إذا ما الغيث اخلفنا.. من الخليفة ما نرجو من المطر، نال الخلافة إذ كانت له قدرا.. كما اتي ربه موسي علي قدر، كم بالمواسم من شعثاء ارملة.. ومن يتيم ضعيف الصوت والبصر،ممن يعدك تكفي فقد والده.. كالفرخ في العش لم ينهض ولم يطر.. فبكي عمر وقال: أمن ابناء المهاجرين انت فنعرف لك حقهم، ام من ابناء الانصار فيجب لك ما يجب لهم، ام من فقراء المسلمين فنأمر لك بصدقة تصلك في قومك؟ فقال يا امير المؤمنين ما انا بواحد من هؤلاء، واني لمن اكثر قومي مالا واحسنهم حالا ولكني اسألك ما عودنيه الخلفاء: اربعة الاف درهم وما يتبعها من كسوة وحملان، فقال له عمر ما اري لك في مال الله من حق، ولكن انتظر حتي يخرج عطائي فادخر لعيالي ما يكفيهم سنة واصرف لك الباقي، فقال جرير لا، بل يوفَر امير المؤمنين ويحمد، واخرج وانا راض، فلما خرج قال عمر إن شًر هذا ليُتقي، ردوه الي فلما عاد قال له عمر إن عندي اربعين دينارا وخلعتين إذا غسلت إحداهما لبست الاخري، واني مقاسمك ذلك، علي ان الله يعلم ان عمر احوج الي ذلك منك،فقال جرير وفقك الله يا امير المؤمنين وانا والله راض، فلما انصرف سأله اصحابه وفيهم الفرزدق، ما صنع بك امير المؤمنين؟ فقال خرجت من عند رجل يقرب الفقراء ويباعد الشعراء، وانطلق عائدا الي قومه فسألوه فقال: تركت لكم بالشام حبل جماعة.. امين القوي مستحصد العقد باقيا.. وجدت رقي الشيطان لاتستفزه.. وقد كان شيطاني من الجن راقيا - وقي الله ملوك ورؤساء المسلمين شر فضائيات المدح والذم.