وسط ما يشهده الشارع المصري من حالة قلق جسدتها أحداث الصدامات والخروقات الامنية التي تتنافي مع القوانين. في هذا المناخ المشحون كان من المفروض ان يحكم النظام والمعاملات قيام الشرطة بواجباتها. حول هذه القضية لم يعد خافيا أن جهاز الشرطة له عذره في تجنب التدخل الذي قد يجعله مرة أخري موضع اتهام ومحاكمة كما حدث بعد ثورة 52 يناير. لقد تعرض لهذه المحاسبة القضائية علي الرغم من وجود ما يثبت انسحابه من الساحة يوم 82 يناير 1102 بعد صدور التعليمات بنزول قوات الجيش الي الشارع. من المؤكد ان هؤلاء الاخوة والابناء العاملين في هذا الجهاز الوطني السيادي اصبحوا يضعون في اعتبارهم عندما يتخذون قرار عدم التدخل.. تلك التجربة المريرة التي مروا بها وأدت الي هذا الشرخ العميق الذي أصاب علاقتهم بالشعب. انهم لا يمكن ان ينسوا تقديم بعضهم الي المحاكمات بتهمة التصدي للدفاع عن مراكز واقسام الشرطة ضد عمليات الهجوم غير المبرر. ليس خافيا أنه كان هناك خلط مفتعل ومتعمد بين ما يتطلبه آداءهم لواجبهم وبين ما شاب سلوك بعض عناصرهم من تجاوزات وسوء تعامل مع المواطنين. لم يشفع لهم- نتيجة غيابهم- ما تعرض له أمن الوطن وهو ما أدي الي مطالبة الشعب بعودتهم. وفي ظل الاحداث المأساوية الحالية التي تموج بها الساحة نتيجة عدم استقرار الثورة عاد رجال الشرطة ليجدوا أنفسهم بين كفي الرحي انهم وبسبب جنوحهم إلي تبرئة أنفسهم من الانحياز لطرف دون طرف في الصراع الدائر.. لم يسلموا من النقد والاتهام من كلا الطرفين. لاجدال أن هذا الذي يحدث ما هو الا تجسيد للتصاعد في مظاهر الفوضي والتسيب وما يصاحبهما من غياب لوجود الدولة والمسئولية.. الخروج من هذه الدائرة الجهنمية اصبحت تتطلب توافقا وطنيا حاسما يستهدف اعاده صياغة للمنظومة التي تحفظ للدولة والقانون والشرطة الهيبة اللازمة. ان استعادة هذه المباديء تمثل الطريق الصحيح الذي يجب ان نسلكه تفعيلا للديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورة 52 يناير.