لا يسعني سوي ان احيي موقف مجلس الوزراء برئاسة الدكتور عصام شرف المدعم بمساندة المجلس الاعلي للقوات المسلحة فيما يتعلق بالأحداث المؤسفة والمحزنة التي شهدتها محافظة قنا. ان التمسك بقرار تعيين المحافظ الجديد عماد ميخائيل كان امرا ضروريا يرتبط بهيبة الدولة ومتطلبات الحسم في ادارة شئونها بما يحقق الصالح الوطني العام. لا يمكن بأي حال ان تكون امور الدولة تحت رحمة الاهواء والهوجائية وفقدان القدرة علي التقدير الصحيح للامور. لقد سلكت الحكومة طريق الصواب في اطار المسئولية الوطنية برفضها الضغوط والممارسات الخارجة عن شرعية ادارة شئون الدولة المصرية ومبدأ المواطنة والمساواة والاحترام الواجب الذي يجب ان يسود بين اطياف الشعب المختلفة دون تفرقة. لابد ان يدرك كل مواطن شريف مخلص لهذا الوطن والحريص علي ثورته واهدافها - التي تتركز في الاصلاح والتقدم - ان الوقت قد حان لمواجهة نزعة الانفلات والتسيب والافتئات علي حقوق الدولة والمواطنة الصحيحة. ان من حق اي مواطن وفي حدود ما يسمح به الدستور وتقضي به القوانين ووفقا لما جاء في بيان مجلس الوزراء ان يبدي رأيه سلميا في اي اجراء أو قرار.. ولكن دون ان يؤدي ذلك إلي انتهاك لسيادة القانون وزعزعة الامن العام وتعطيل مصالح المواطنين وتدمير المقومات الادارية والاقتصادية للدولة. ان ما صدر عن مجلس الوزراء بشأن هذه الازمة يعد خطوة مرحبا بها شعبيا وان كان الكثيرون يرون ان التصدي والمواجهة قد جاءت متأخرة وبعد تقاعس وتخاذل وتنازلات أدت إلي التجاوز في حق ممارسة الحريات والواجبات. كان لابد ان يكون معلوما للجميع ان الحرية لا تعني الفوضي أو العدوان علي حقوق الدولة والنظام العام وحق كل المواطنين في حياة آمنة ومستقرة. لاجدال ان ثمن استمرار الانفلات والبلطجة وتفشي موجة مقاومة القرارات الصادرة عن الحكومة التي اسندت اليها مهام قيادة سفينة العمل العام بعد الثورة يتحمل الوطن عبأه الثقيل المتمثل في غياب الامن واشاعة مناخ من القلق والتوجس في الحياة العامة والمعيشية.. هذا الوضع غير الطبيعي انعكست اثاره سلبا علي مصالح الوطن وهو ما ظهر جليا علي المسيرة الاقتصادية وارتباطاتها المباشرة بحياة المواطنين. كل شيء يتعرض في غياب الانضباط يواجه حالة من الانهيار الذي يؤدي إلي حد عدم القدرة علي توفير الاحتياجات المعيشية اليومية والمستقبلية. انني اقول لأخوة الوطن المتظاهرين في قنا الرافعين لشعار رفض المحافظ الجديد ان ما يقومون به وان كان البعض يعتقد انه في اطار الحق المشروع للتعبير وابداء الرأي سلميا إلا ان الشيء المؤكد انه يتعارض تماما مع روح ثورة 52 يناير التي عظمت الوحدة الوطنية ومبدأ المواطنة. لقد كنا ندعو جميعا إلي وحدة كل ابناء الوطن في مواجهة كل ما يمس المصلحة العامة للوطن ونشكو في نفس الوقت من اختفاء لغة الحوار لتحقيقها.. في هذا الاطار وفي ظل ما يتطلبه الصالح الوطني العام الذي يرفض تعطيل عجلة الحياة في كل ارض.. فانه لابد لأهل قنا الالتزام بالمسئولية الوطنية والجنوح إلي لغة التحاور حول اي مطالب مشروعة دون المساس بسيادة وهيبة الدولة باعتبار ان غير ذلك ليس ابدا في مصلحة احد. ليس مقبولا بأي حال اللجوء إلي السلوكيات غير المسئولة التي لا يجني من ورائها الوطن سوي المزيد من الخسائر والدمار. إن العودة إلي الطريق السليم يعني الالتزام بواجبات المواطنة وان تكون الثقة هي محور تعاملهم مع الحكومة المنوط بها تسيير شئون الدولة في هذه المرحلة.