في متابعة سريعة، ونظرة كاشفة صباح أمس، علي بعض لجان الاستفتاء بالقاهرة بصفة عامة، ومنطقة مصر الجديدة ومدينة نصر علي وجه الخصوص، كان المشهد أكثر من رائع، وأعظم من كل التوقعات المتفائلة حيث كانت الجماهير المصرية علي مستوي الحدث، وكان حسها الوطني الصادق هو الواضح، وهو السائد في كل اللجان. كان المشهد باعثا علي الاطمئنان في حكمة ووعي الشعب، وإدراكه لأهمية حضوره ومشاركته بالقول والفعل، بالرغم من حالة الاحتقان والانقسام التي سيطرت علي الساحة السياسية، طوال الأيام والأسابيع والشهور الماضية، وألقت بظلالها القاتمة علي الجميع. وقد تجلت حكمة ووعي شعبنا العظيم، في حرص النسبة الغالبة منه علي التواجد أمام لجان الاستفتاء من الصباح الباكر، للادلاء بأصواتهم وممارسة حقهم، في قبول أو رفض مشروع الدستور الجديد، باعتباره الوثيقة الأرفع المنظمة والمحددة لشكل وملامح وتوجه الدولة المصرية، في المرحلة المقبلة، بما يحقق آمال وتطلعات جميع فئات المجتمع. كانت كثافة الاقبال علي الاستفتاء واضحة، وكان حرص الجميع علي الادلاء برأيهم، والمشاركة في اختيار وتحديدمسار الوطن وتوجه الدولة مؤكدا، رغم التخوفات التي سيطرت علي البعض من احتمال ان تلقي حالة الاحتقان الحادة، والخلافات المشتعلة بين القوي السياسية بظلالها علي المشهد السياسي بكامله، بما يؤدي إلي قلة المشاركة وعدم الاقبال علي الاستفتاء،...، ولكن ذلك لم يحدث، بل حدث العكس. نعم حدث العكس بالفعل، وخابت كل التوقعات أو الرهانات التي كانت تقول وتتنبأ بأن الاقبال علي الاستفتاء سيكون ضعيفا استنادا إلي تخوف المواطنين من انتشار وشيوع حالة الاحتقان والانقسام بين القوي السياسية، وهو ما يمكن أن يدفعهم لعدم المشاركة. ومن أجل ذلك، اقول دائما ان هذا الشعب بعموم مواطنيه، بأهلنا في الريف والمدن والنجوع، سواء في الوجه البحري أو القبلي هو أكثر صدقا في حسه الوطني واكثر اخلاصا لوطنه مما يتصور البعض، وهو أعمق وعيا وحكمة مما يتخيل البعض الآخر، وهو في كل الأحوال وعلي مر الزمان الأكثر حبا لمصر والأكثر حرصا علي سلامتها وأمنها واستقرارها، لتبقي دائما وطنا لجميع أبنائها ومواطنيها ينعمون فيها بالحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية في ظل الالتزام بالدستور والقانون. تحية لشعبنا العظيم ووعيه الرائع وحكمته العميقة.