سعر الدولار اليوم الجمعة في البنوك.. يسجل 47.95 بالمركزي    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 5 يوليو 2024    كجوك: سياسات مالية أكثر تحفيزا للاستثمار والإنتاج لتحسين الأداء الاقتصادي    وزير العمل: الخميس المقبل إجازة رسمية للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة رأس السنة الهجرية    معلومات عن رئيس الوزراء البريطاني الجديد.. محامٍ سابق وعُمره 61 عاما    بعد تجديد الثقة.. ياسر إدريس يهدي وزير الشباب والرياضة قلادة اللجنة الأولمبية    عاجل.. انخفاض نسبي في درجات الحرارة اليوم.. والعظمى بالقاهرة 36    العثور على جثة شاب بها طلقات نارية داخل مزرعة بقنا    فيلم «جوازة توكسيك» يحقق إيرادات نصف مليون جنيه    «التفاح والشاي الأخضر» الأبرز.. أغذية تطيل العمر    الرئاسة التركية: موعد زيارة بوتين إلى تركيا لم يتحدد بعد    أبرز أهداف «حياة كريمة» في الريف .. التخفيف عن كاهل المواطنين والتنمية الشاملة    مصدر ليلا كورة: ورطة جديدة لاتحاد الكرة بسبب البطولات الأفريقية.. وحل مطروح    أسعار الخضروات اليوم 5 يوليو في سوق العبور    الأنبا مارتيروس يترأس اجتماع خدام كنائس شرق السكة الحديد    ثورة حقيقية في الحكومة المصرية.. إصلاح شامل في كافة القطاعات.. كيف يتحرك الوزراء الجدد لتنفيذ آمال الشعب؟    النشرة المرورية.. انتظام حركة السيارات فى شوارع القاهرة والجيزة    في اليوم ال273 من العدوان.. شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على غزة    رئيس جامعة القاهرة: وزير العدل قيمة قضائية كبيرة حصل على ثقة القيادة السياسية لكفاءته    لطلاب الشهادة الإعدادية، شروط التقديم في معاهد التمريض بالأقصر    مواصفات امتحان الجغرافيا للثانوية العامة 2024    «المحامين» تعلن انتهاء لجنة المعاشات من فحص ومراجعة 105 ملفًا للأعضاء تمهيدا لصرفها    وزير البترول يتابع ضخ الغاز لشبكة الكهرباء للانتهاء من تخفيف الأحمال قريبًا    مهتز نفسيا.. عرض شخص أحرق شقته بالمنيرة الغربية على الطب الشرعي    خبير صحة نفسية يكشف أهم الإرشادات المثالية للحفاظ على درجة حرارة الجسم أثناء النوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 5-7-2024    سيولة مرورية بشوارع وميادين القاهرة والجيزة اليوم الجمعة    مابين إصلاح بيزشكيان وتشدد جليلي، الإيرانيون يختارون اليوم رئيسهم في جولة الإعادة    الصحة الفلسطينية: 4 شهداء وإصابة خطيرة جراء عدوان الاحتلال على مدينة جنين    سعر طن الحديد اليوم الجمعة 5-7-2024.. اعرف الاستثماري بكم    دعاء الجمعة الأخيرة من العام الهجري.. «اللهم اغفر لنا ذنوبنا»    نص خطبة الجمعة اليوم.. «الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن عن المهاجرين»    ريهام عبدالحكيم تتصدر تريند «X» بحفل ليلة وردة    أسماء جلال تكشف قصة حبها لوائل جسار: «طلبت منه الزواج.. كان كراش عمري»    حظك اليوم برج القوس الجمعة 5-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الأرجنتين إلى قبل نهائى كوبا أمريكا بركلات الترجيح ضد الإكوادور    سي إن إن: الساعات القادمة قد تكون حاسمة في حياة بايدن السياسية    "ظهرت نتائج التاسع الاساسي 2024" moed.gov.sy رابط نتائج الصف التاسع سوريا 2024 حسب الاسم ورقم الإكتتاب عبر موقع التربية السورية    لامين يامال: لن ألعب أبدًا لريال مدريد    «كاف» يوقع عقوبة مالية على صامويل إيتو بسبب اتهامات بالتلاعب    «جامدين جامدين».. نصيحة تامر حسني ل جمهوره بعد «هرمون السعادة»    تامر عبدالحميد يوجه رسالة حادة لمجلس الزمالك بعد حل أزمة الرخصة الإفريقية    الشيخ خالد الجندي: من رأى سارق الكهرباء ولم يبلغ عنه أصبح مشاركا في السرقة    الإفتاء تستطلع هلال شهر المحرم اليوم    وزارة الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا.. اليوم    بوتين: أوكرانيا رفضت محادثات السلام بتوجيهات مباشرة من لندن وواشنطن    ملف رياضة مصراوي.. قائمة المنتخب الأوليمبي.. فوز الأهلي.. وتصريحات كولر    طريقة عمل بهارات البروستد، بتتبيلة مميزة لا تقاوم    ياسر صادق يكشف عن تخبط في تعيين الحكام في دورة الترقي بسبب واقعة نادر قمر الدولة    موقع التحويل الإلكتروني بين المدارس 2024 - 2025 (الموعد والأوراق المطلوبة)    مهرجان جرش للثقافة والفنون يكشف عن برنامج دورته ال38    كوبا أمريكا 2024| فالينسيا يقود هجوم منتخب الإكوادور أمام الأرجنتين    «الدواء موجود وصرفه متأخر».. الصحة: تحقيق عاجل مع مسؤولي مستشفيات الإسكندرية    السروجي: هدفي تحقيق الآمال المشروعة    26 يوليو.. تامر حسني يشارك في مهرجان العلمين الجديدة    هرب من حرارة الجو.. مصرع طالب غرقًا في نهر النيل بالغربية    حلف اليمين الاثنين المقبل.. «رشوان» رئيسًا للأعلى للإعلام و«سعدة» للوطنية للإعلام و«الشوربجي» للصحافة    السعودية تقدم مساعدات غذائية لدعم عملية الإنزال الجوي الأردني لإغاثة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جذور الفگر الاستيطاني الاسرائيلي
نشر في الأخبار يوم 24 - 10 - 2010

فوجئت أسرة "قرش" المؤلفة، من خمس عائلات وتعيش معا في منزل واحد مؤلف من أربعة طوابق في حي "السعدية" المطل علي المسجد الأقصي بمدينة القدس..، بالمستوطنين يقتحمون المنزل في منتصف الليل برفقة الشرطة الاسرائيلية، ويزعمون أنهم اشتروا المنزل من مالكه الأصلي - وهو ما ثبت في وقت لاحق أنه أكذوبة - وقامت الشرطة بإرغام الأسرة علي التجمع في الطابق الثاني من المبني، وسلمت المستوطنين، الذين ينتمون الي جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، الطوابق الثلاث الأخري.
حدث ذلك قبل حوالي شهرين.
ومنذ أيام داهم المستوطنون الطابق الثاني، وطردوا من تبقي من السكان، والقوا باثاثهم الي الخارج.
بيت اسرة "قرش" هو واحد من أربعة بيوت سيطر عليها المستوطنون في تلك الحارة المشرفة علي المسجد الأقصي من ناحية الشمال. وتشكل هذه البيوت حلقة في حملة الاستيلاء علي 75 مبني سيطر عليها المستوطنون في البلدة القديمة من القدس، الي جانب "الحي اليهودي" في نفس البلدة.
وتوضح إحصاءات اسرائيلية أن الف مستوطن يعيشون اليوم في المباني ال 75 في البلدة القديمة التي يبلغ عدد سكانها الفلسطينيين 36 الفا. والي جانب الألف مستوطن الجدد.. يوجد 3500 مستوطن آخر يعيشون في "الحي اليهودي" الواقع في البلدة القديمة.
تتعاون الجمعيات الاستيطانية والشرطة والمحاكم والقضاء والحكومة في اسرائيل من أجل السيطرة علي الممتلكات الفلسطينية في القدس في إطار خطة تحويل المدينة الي مدينة يهودية بالكامل.
وقام حاخامات اسرائيل بدورهم القيادي في مشروع أطلقوا عليه وصف "بناء الأمة في أرضها" ! وتحدثوا عن حتمية بناء شيء علي حساب تدمير شيء آخر!
ويبدو أن هذا هو نفس ما كان يفكر فيه الزعيم الصهيوني المجري "ماكس نوردو" (1849-1923) الذي طالب بتحقيق الهجرة الجماعية علي نطاق واسع وبنقل 500 الف يهودي بشكل مباشر لكي تصبح فلسطين يهودية بالفعل رغم أنه كان يعلم أن أوضاع فلسطين لا تقبل ولا تتحمل هذه الموجة الصهيونية الكبيرة، إلا أنه اصر علي مطلبه "حتي ولو أدي ذلك الي عذاب الكثيرين أو عدم تمكنهم من البقاء في فلسطين".
وتوصل المفكر والكاتب الصهيوني الأوكراني "أهاد هاعام" (1856-1927) الي أن عدد اليهود سيظل في كل من فلسطين - التي يستوطنون فيها - وفي أرض الشتات في ازدياد طبيعي مما يؤدي الي النتيجة التالية: تصبح فلسطين أصغر من أن تستطيع استيعاب مهاجرين جدد، وفي نفس الوقت لا ينقص عدد اليهود الذين يبقون خارج فلسطين.
في نفس ذلك الوقت كانت حركة "السعي الي صهيون" تقوم بنشاطات واسعة لتأسيس المستعمرات في فلسطين، لكي تصبح هذه المستعمرات مع مرور الزمن "مركزا للأمة تستطيع فيه أن تظهر روحها التي تتطور الي أعلي درجات الكمال.. ومن هذا المركز تشع روح اليهودية الي أنحاء العالم.. الي أن يحين الوقت لتأسيس دولة هناك، لا تكون فقط دولة من اليهود بل دولة يهودية" !!.
والغريب أن بعض الصهاينة المعروفين من أمثال "حاييم نخمن بيالك" (1873- 1934) تحدثوا عن فلسطين باعتبارها "الأراضي المهجورة التي تعاني من العزلة والخراب" التي سيقوم اليهود بتخليصها من صخورها وعفن مستنقعاتها وإحياء أراضيها "البور" واقتلاع صخورها وتجفيف مستنقعاتها وشق الطرقات فيها وسط الغناء والابتهاج.
وهناك من يلقبونه بالفيلسوف الصهيوني المحترف "جاكوب كلاتزكين" (1882-1948) الذي دعا اليهود الي الاستيطان في فلسطين والي استعمارها والتحدث باللغة العبرية لكي تتحقق الحياة القومية اليهودية. انه يتحدث بصراحة عن اليهود الذين لا يوجد أي حل أمامهم سوي الهجرة الي فلسطين أو الزوال عن طريق التزاوج. فالصهيونية، من وجهة نظره، هدفها "الاستيطان العبري لأرض الآباء وتحويلها الي مركز روحي لشعبنا"، ولا ينكر هذا الرجل أن الاستيلاء علي أرض فلسطين تشكل غاية في حد ذاتها. ويقول الصهيوني الأوكراني "دوف بير بوروشوف" (1881-1917) ان الهجرة وحدها لا تحل المشكلة اليهودية، فالهدف إقامة مستوطنات مكثفة، وهذه الهجرة يجب أن تتحول " من هجرة الي استعمار، وهذا يعني أن حل المسألة اليهودية يكمن في إيجاد أرض لها". ومن ثم فإن المطلوب هنا هو تحويل الهجرة اليهودية الي استعمار "للبلدان المتخلفة" !
وكان الفيلسوف الصهيوني الروسي "آرون دافيد جوردون" (1856-1922) يؤكد علي فكرة أن المطلوب تأسيسه في فلسطين هو "شعب يهودي يخلق من جديد، وليس مجرد مستعمرة ليهود الشتات أو استمرارا لحياة الشتات اليهودية بشكل جديد"، وكتب يقول " اننا نأتي الي وطننا القومي لنزرع أنفسنا في تربتنا الطبيعية، ولنضرب جذورنا عميقا في مصادرها الحياتية، ذلك أن هدفنا هو أن تصبح فلسطين اليهودية الوطن الأم ليهود العالم، وأن تكون الجاليات اليهودية في الشتات.. مستعمرات لها، وليس العكس".
وأبدي الحاخام الليتواني"صاموئيل موهيليفر" (1824-1898) اهتماما خاصا بتشجيع البارون "إدموند دي روتشيلد" والبارون "دي هيرش" علي تقديم المساعدة للاستيطان في فلسطين واستعمارها، وطالب في رسالته الي المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 بضرورة أن يقتنع جميع "ابناء صهيون" بأن شراء الأراضي وإقامة البيوت وزرع البساتين وفلاحة الأرض في فلسطين هي إحدي وصايا التوراة الأساسية، كما أن الحكماء العبرانيين الأوائل اعتبروا الاستيلاء علي فلسطين بمثابة الناموس بأكمله لأن هذا الاستيلاء هو أساس وجود "الشعب اليهودي" !
في ذلك الوقت كان يجري جمع كميات كبيرة من الأموال من أغنياء اليهود في العالم من أجل الاستيطان.
ولعب الرائد الصهيوني البولندي "يحيل ميكايل باينس" (1842-1912) دورا هاما في المراحل الأولي للاستيطان وعمل علي تشجيع منظمة تسمي "البيلو" في نشاطها الاستعماري وإقامة الجماعة اليهودية في فلسطين وفقا لمقاييس الدين التقليدي، وأكد أن اليهود "أمة ترتكز قوميتها علي الدين.
عندما يتحدث المفكرون الصهاينة عن أرض اسرائيل، فإنهم يقصدون ما يسمونه أراضي "يهودا والسامره"، علي حد تعبيرهم، أي كل أراضي الضفة الغربية والقدس، ولا يعني هذا استبعاد أنهم يقصدون في نفس الوقت تلك الأرض التي تمتد من النيل الي الفرات. وهم يعتبرون أن "ارض اسرائيل" لا تنفصل عن "روح الشعب اليهودي" حيث أنه كلما زاد تعلق اليهودي " بأرض اسرائيل" كلما زادت افكاره طهارة !! علي حد تعبير الحاخام الروسي "ابراهيم اسحق كوك" الذي يفترض أن الانسان "في الأرض المقدسة يصبح خياله نقيا ونظيفا وطاهرا" ! ومنذ النصف الثاني من العشرينيات في القرن العشرين كانت معظم أفكار الزعيم الديني الصهيوني البولندي "صاموئيل حاييم لانداو" (1892-1928) تدور حول اعتبار "السكن في فلسطين" بمثابة واجب ديني وتكليف قومي يحتم ضرورة المشاركة من جانب الصهيونية المتدينة في النشاط الاستعماري والاستيطاني بفلسطين حتي لا يصبح هذا النشاط وقفا علي الصهيونيين العلمانيين دون سواهم، ومن ثم راح "لانداو" يستنهض الهمم في سبيل الريادة الصهيونية والهجرة الي فلسطين وخاصة أن التوراة "قد خلقت من أجل اسرائيل".
ومن أجل الاستيلاء علي فلسطين تحت ستار تحريرها من الأتراك، نادي الزعيم الصهيوني الروسي "فلاديمير جابوتنسكي" (1880-1940) خلال الحرب العالمية الأولي بتجنيد فرقة من الكتائب اليهودية لكي تحارب علي الجبهة الفلسطينية. وبلغت الوقاحة بهذا الصهيوني أنه أعلن رفضه تصديق أن شعبا عزيز النفس كالعرب - بماضيهم العظيم - قد لا يوافق إطلاقا علي بيع بلاده بالمال (!) أو مقابل أن يتشرب الثقافة الأوروبية المتفوقة (!). ولم ينكر الرجل أن الهجرة اليهودية ستحيل عرب فلسطين الي أقلية، وإنما تمادي الي حد القول بأن لدي الدول العربية التي نالت استقلالها حديثا مساحات شاسعة من الأراضي، وبالتالي فإنها لن تخسر شيئا باستيلاء اليهود علي فلسطين(!)، والأخطر من ذلك أن جابوتنسكي يعترف بأن كل فلسطين أصغر من أن تسد حاجة "هذا الهدف الانساني" - وهو الاستيلاء اليهودي علي فلسطين -وخاصة أن اليهود لا يمكن أن يرتضوا القبول بمجرد زاوية أو مقاطعة صغيرة من فلسطين، ولن يستطيعوا قبول ذلك أبدا، وبالتالي فإن علي القائمين علي أمور البيت "أن يتنازلوا عن طبق حساء كامل" أي كل أرض فلسطين، وليس هناك مهرب من ذلك علي حد تعبير الزعيم الصهيوني. ويكشف جابوتنسكي عن كل أوراقه قائلا أن هناك طريقة واحدة للتسوية، وهي أنه ما دام للعرب أربع أو خمس دول عربية صرفة، فمن العدل أن تقوم بريطانيا بتحويل فلسطين الي دولة يهودية!!
في ضوء هذه الخزعبلات والخرافات الصهيونية، تبدو مسألة الاستيطان بمثابة المعركة الحاسمة والفاصلة في قضية انهاء الاحتلال. وأي تقاعس أو إهمال في فهم خطورة وأبعاد هذه المسألة الاستيطانية.. يؤدي الي تدمير القضية الفلسطينية برمتها والتصفية النهائية لنضال شعب فلسطين من أجل تحرير أرضه وانتزاع حقوقه القومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.