اعترف الاسلام بحق الانسان في ان يفصح عن رأيه، ويدلي بحجته ويجهر بالحق.. وشجع الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم المسلم علي الاستقلال بالرأي فقال »لا يكن احدكم امعة يقول أنا مع الناس ان احسن الناس احسنت وان اساءوا اسأت ولكن وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساءوا ان تتجنبوا اساءتهم«. علي الانسان ان يكون له رأي ولا يتبع غيره دون وعي ولا تفكير وعليه استخدام عقله في التمييز بين الخير والشر وان يعرف الضلالة من الهداية ليختار الخير وينأي عن الشر. وحرية الرأي التي كفلها الاسلام لكل انسان تمكن صاحبها من عرض حججه الدامغة، وبيانه القاطع لكشف الحقيقة امام الناس، وتعين المنصفين علي احقاق الحق وابطال الباطل. لم يطلق الاسلام حرية الرأي بلا ضابط بل وضع لها الحدود والضوابط التي تحقق المصلحة العامة للوطن والمواطن. والحوار والجدال هو مناقشة بين طرفين او اطراف من اجل تصحيح كلام او اثبات حق، او دفع شبهة وهدف الحوار ايجاد حل وسط يرضي الاطراف ويوصل الي افضل النتائج والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. وعلي المتحاور البعد عن التعصب والالتزام بآداب الحوار، وتجنب منهج التحدي واسلوب الطعن والتجريح والسخرية والاثارة والاستفزاز واغلاظ القول ورفع الصوت لان هذا الاسلوب لا يولد الا غيظا وحقدا. وللانسان ان يقول رأيه في القضايا العامة في الحدود التي يبيحها العقل والشرع دون ان نحجر علي رأي يريد التعبير عن نفسه، وفي نفس الوقت الا يكون هذا الرأي فيه اضرار بالآخرين. والخلاف في الرأي موجود بين الناس في مختلف العصور وهو سنة الله في خلقه، فالناس مختلفون في الوانهم وألسنتهم وطباعهم ومعارفهم وعقولهم وهذا يدل علي الاختلاف في الاراء والاتجاهات فاذا تجردت النفوس من اهوائها وسعت في تلمس الحق فإنها مهدية اليه بإذن الله. وللحوار آداب يجب الالتزام بها منها: اخلاص النية لله تعالي، وابتغاء وجهه الكريم، ولابد للمحاور ان يكون لديه العلم بموضوع المحاورة، كما يجب ان يتصف بالصدق والصبر والحلم والرحمة والاحترام والتواضع وضبط النفس والامانة في توثيق المعلومات والالتزام بالادلة وحسن الاستماع وتجنب المقاطعة وعدم الاعادة والتكرار واضاعة الوقت والتركيز علي الرأي لا علي صاحب الرأي. ومن ثمرات الحوار تضييق هوة الخلاف وتقريب وجهات النظر وايجاد حل وسط يرضي الاطراف والحق سبحانه وتعالي يقول في سورة النحل »ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن«. وقال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم »ان الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالي ما كان يظن ان تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه الي يوم يلقاه، وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن ان تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه الي يوم يلقاه«. ان حرية الرأي آمنة مقررة ومكفولة للجميع افرادا وجماعات، فالاسلام وجميع الرسالات السماوية تمنح ابناء البشر جميعا علي اختلاف الوانهم واجناسهم ومعتقداتهم حتي التعبير عن آرائهم بأدب واحترام بما لا يمس الاخر بسوء وتوجب عليهم مشاركة المجتمع بالرأي الذي يعود عليهم وعلي المجتمع بالخير. وكما قال الامام الشافعي رضي الله عنه وارضاه »رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب«. كاتب المقال : نقيب السادة الاشراف