بعد الانسحاب الجماعي لرافضي تحكم فصيل واحد في أعمال التأسيسية بعد شهور طويلة، صعبة، مريرة، استغرقتها جلسات عامة، ولقاءات للجان منبسقة عن العامة أصبح مشروع الدستور في مهب الريح. الباقون في التأسيسية ظهروا كأنهم لا يهتمون بانسحاب الأقلية لأن لديهم الأغلبية العازمة علي استكمال إعداد الدستور في الموعد المحدد من قبل. وعلي مقاعد الاحتياطيين ما يكفي ويزيد عن تعويض الأساسيين المقاطعين. ورد المنسحبون بأنهم سيتقدمون بمشروع دستور يتضمن كل مالم يتضمنه دستور التأسيسية المعيب في العديد من أقسامه ومواده وتفسيراته. لا نعرف أي دستور من المشروعين هو الذي سيحظي بتأييد الجماهير، في حال طرحهما للاستفتاء، أو تأجيلهما إلي أجل غير مسمي؟ النائب الثوري، المخضرم، أبوالعز الحريري دعا أمس [التيارات الإسلامية والقوي السياسية الأخري، للجلوس معا لإنهاء أزمة الدستور الإبقاء علي دستور 71 بعد تعديل بعض مواده لمدة 6سنوات قادمة، تتم خلالها انتخابات رئاسية وأخري تشريعية، ويعقبهما البدء في إعداد دستور جديد بعد استقرار الأمور وتبلور الرؤية لدي السياسيين، مع زيادة الخبرات والنضج الشعبي وتنامي الثقافة الدستورية]. وبرر الحريري اقتراحه المهم بأن [حالة الانقسام في الوقت الحالي لن تسمح بأي توافق لعمل دستور. كما أن هناك تيارات تريد فرض إرادتها علي الجميع، بالإضافة إلي ذلك فإن الجمعية التأسيسية نفسها "مطعون" في شرعيتها وهناك رفض من تيارات عديدة لها]. إن دعوة أبوالعز الحريري بالإبقاء علي دستور71 بعد تعديله سبق للعديد من أساتذة القانون وفقهاء الدستور والشخصيات العامة المطالبة به وقبل تشكيل لجنة المائة وقبل بدء جلسات التأسيسية التي انتهت إلي ما انتهت إليه حتي لحظة كتابة هذه السطور. وياليتنا أخذنا بهذا الاقتراح القديم الذي يتجدد اليوم بلسان النائب الثوري أبوالعز الحريري وأنقذنا أنفسنا وبلدنا من الأزمة الخطيرة التي طالت، وغاب حلها.. أكثر مما ينبغي. دعوة الحريري لل "إحياء المؤقت" لدستورنا السابق هي في تصوري الحل الذي يفرض نفسه للمأزق الذي أوقعنا أنفسنا فيه. حقيقة أن التعديلات التي أضيفت تباعاً إلي دستور 1971، لقيت وتلقي معارضة أغلبية المصريين، لكن من السهل علي لجنة إعداد الدستور التي لم تُشكل بعد أن تعيد النظر في بعض مواد الدستور الملغي، فتحذف التعديلات المرفوضة، وقد تضيف مواد جديدة تعبر عن آمال المصريين وتضع نهاية لمخاوفهم، وهذا كله لا يحتاج من أساتذة القانون سوي ساعات قليلة من الأيام المعدودة المتاحة أمامهم. في مارس الماضي نشرت العديد من المقالات التي تناولت الدعوة إلي الإبقاء المؤقت علي دستور71 بعد تعديل بعض مواده، وقد نبهني آنذاك د. حمدي عبدالسميع،أستاذ القانون بجامعة بنها، إلي ضرورة الأخذ بالنص الأصلي لدستور71 وليس المعدل أو الملعوب فيه من عتاة ترزية القانون. .. وللحديث بقية.