أحمد شلبى غداً وقفة عرفات.. تلك الوقفة التي يتجمع فيها كل الحجيج من شتي البقاع ينطقون بكلمة واحدة »لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لاشريك لك«. يا لها من كلمات موجزة يملأها الخير والإيمان بالله والاعتراف بوحدانيته سبحانه.. وقفة يعود بعدها المرء كما ولدته أمه إن كان حجه مبروراً. وقفة يستوي فيها الناس من كل الطبقات والجنسيات لا يتجادلون ولا يتشاجرون بل تتحد دعواتهم طلبا للمغفرة والعفو والدعاء للأمة الإسلامية بأن يمن الله عليها بالرخاء والسخاء والاستقرار. في عرفات دعاء وفي بلادنا العربية الإسلامية دماء تراق علي جنبات الأوطان سواء بأيدينا أو بأيد الأعداء فاستوت علي الأرض تسقيها عذابات الناس طارحة سؤالاً محيراً لماذا يقتل بعضنا بعضا؟! وبينما ترتفع الأكف في »عرفات« بالدعاء ان يحل السلام علي بلادنا الإسلامية والاستقرار حتي تستطيع الشعوب ان تنهض نجد علي الجانب الآخر داخل الأوطان العربية والإسلامية صراعات وتصريحات نارية أشد عنفا من القتال.. تصريحات تدعو إلي اشعال النيران كلما خمدت وتأجيج نار الفتنة بين الشعوب. وما الانقسام الذي تمر به الدول العربية والإسلامية حول إراقة الدماء في سوريا إلا نموذج للفتنة المهلكة. فالأزمة طاحنة ودخول أطراف لا تبغي سلاما لها بل تبغي مصلحتها فقط سيؤدي بالشعب السوري إلي الانهيار وسقوط أركان دولته. إننا نفتقد الحكماء الذين يستطيعون أن ينزعوا فتيل الأزمة الدموية لوجه الله والحفاظ علي تماسك الأمة. الأطراف التي تحاول وقف القتال ليست كلها صاحبة نوايا حسنة بل لها أجندتها الخاصة التي تحكم إطلاق تصريحاتها حتي إذا هدأت الأزمة بعض الشئ فيما لا يحقق مصلحتها عادت لإطلاق تصريحات نارية مثل طلقات المدفعية ليستمر القتال بين أبناء الوطن الواحد والدعوة لتدخل عسكري. يحدث هذا في سوريا بينما الأطراف تغض الطرف عما يحدث في غزة من هجمات وحشية علي أهلها فهل نصطف لمواجهة القتال في سوريا ونقف مكتوفي الأيدي لما يحدث في غزة. هذا التناقض في المواقف من الحماس للتدخل العسكري دوليا أو عربيا في سوريا فوراً وصمت التصريحات اللهم إلا من الإدانة والشجب وحجب التدخل العسكري لمواجهة إسرائيل عن الساحة العربية والدولية هو الآفة التي نعاني منها. يا لها من مفارقة يعجز القلم عن وصفها. أرجو من حجاجنا ان يدعو للأمة الإسلامية بوقف إطلاق التصريحات غير المجدية فهي أشد فتكا من نيران العدو.