جلال عارف منذ أن وعيت علي الدنيا، علي ضفاف قناة السويس، وأنا أتابع أحاديث تطوير القناة وتعظيم الاستفادة الاقتصادية منها. الأحلام منذ البداية كانت كبيرة. الحروب عطلتنا كثيراً، وقلة الموارد المالية، والحصار الاقتصادي الذي فرض علينا في سنوات سابقة، ثم الاهم.. وهو ضمان أن يظل هذا الجزء العزيز من الوطن بعيداً عن أي مخاطر استراتيجية!! ومن هنا كان غريباً أن نسمع مع تجدد الحديث عن التطوير الشامل لاقليم قناة السويس عن عروض لسيطرة هذه الدولة أو تلك علي الاستثمارات في هذه المنطقة الاستراتيجية، وسواء كانت هذه الدولة هي قطر أو الصين أو أمريكا أو غيرها، فإن الأمر لا ينبغي أن يكون مطروحاً من الأساس، وتنمية هذه المنطقة (بطبيعتها الاستراتيجية الخطيرة) لابد أن تكون تحت السيطرة المصرية الكاملة. من هنا أتوقف أمام تصريحات للوزير الدكتور محسوب أمام الجالية المصرية في بريطانيا قبل أيام عن إنشاء صندوق ضخم للاستثمار في مصر تساهم فيه الدولة بنسبة 02٪ والمستثمرون العرب بنسبة مماثلة، بينما تكون نسبة ال 06٪ الباقية للمستثمرين والمواطنين المصريين في الداخل والخارج، وبحيث يكون لهذا الصندوق الأولوية للاستثمار في المشروعات الكبيرة وفي مقدمتها تطوير إقليم القناة. هذه فكرة أدعمها بكل قوة، وأثق في قدرة المصريين علي تحمل مسئولية تنمية بلادهم.. ولكن هذا بالطبع يستلزم اطمئنان الجميع علي الأوضاع الداخلية، وإنهاء حالة العجز والارتباك في مواجهة المشاكل والتحديات، وتحقيق قدر من التوافق الوطني لعبور هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة. ما أعترض عليه فقط، هو أنا يقال: إما هذا، وإما ترك مشروعات مصر الضخمة (مثل تطوير إقليم القناة) في يد الأجانب. هذا قد يفسر بأنه تمهيد للمحظور(!!) والاصح أن يكون التركيز علي حشد الجهد الوطني، وأن يكون الاستثمار الأجنبي عاملاً مساعداً وداعماً فقط، خاصة عندما يتعلق الأمر بقناة السويس. المشكلة التي يعرفها الدكتور محسوب جيداً، أن حشد الجهد الوطني لا يتم بالوعظ والارشاد ولا بالاستقصاء والاستحواذ.. فماذا نحن فاعلون؟!