الفقر هو اخطر القضايا التي تواجهها مصر علي الإطلاق ... مواجهة الفقر تتم بالتقدم والعدالة ، والرخاء والتمكين وقد أكدت عدة مرات انه يجب أن تكون لقضية تمكين الفقراء والقضاء علي الفقر الأولوية الأولي علي أجندة العمل القومي في المرحلة الحالية 0 وقد أجبت علي التساؤل بمدي أمكانية تحقيق هذا الهدف في سلسلة المقالات السابقة وبوضوح شديد أري أمكانية القضاء علي الفقر تماما في مصر كما تعهدنا بذلك دوليا وليس فقط أن نتحدث عليه أحاديث الميادين أو الثورات أو أحاديث المؤتمرات أو الصالونات أو أحاديث الأبراج العاجية . ولتحقيق هذا الهدف يجب أن يكون لدينا أولا : صورة حقيقية بالمعلومات عن الفقر والفقراء في مصر وعن الواقع المصري فهل لدينا هذه الصورة الواقعية الإجابة نعم ومنذ أوائل التسعينات من عصر د/عاطف صدقي رحمه الله وقد شرفت بإعداد أول وصف مصر بالمعلومات الدقيقة ، وثانيا : عن تشخيص وتوصيف وصياغة السياسات والبرامج والمشروعات في كل قطاع الازمة لحل مشاكل الفقراء ولدينا ذلك نظريا فقط ، وثالثا : عن الأهداف الدقيقة التي نريد الوصول لها ، ورابعا : الاستراتيجيات الجديدة اللازمة والحالية المطلوب دعمها وحزمة السياسات والبرامج المطلوب أن تتكامل مع ما يتم تنفيذه وأيضا ما هو مطلوب التخلص منه والخروج من تداعياته ، وخامسا : تعبئه للمجتمع بشفافية لتحقيق التلاحم بين الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني للقضاء نهائيا علي الفقر ... والفقر هو قضية سكان وتعليم وثقافة وعمل ومشاركة وديمقراطية ودخل وغذاء وملبس وإيواء وعدالة ... والتساؤل هل يمكن تحقيق رخاء المجتمع مع القضاء علي الفقر ؟ والإجابة هي نعم بل إني أري انه ضرورة أن نحقق نماء ورخاء للمجتمع كي نقضي علي الفقر وعلي الفجوات الحادة الجديدة بين الغني الشديد والفقر المدقع ولكي نقضي علي الفقر علينا أن نسعي إلي غناء وتقدم المجتمع ككل والقضاء علي الفجوات بين المجتمع. وعلينا أن نتحول من غني لعدد محدود من المجتمع إلي غني لأكبر قدر ممكن من أبناء مصر وليتنا نضع السياسات التي تحقق بناء ... ثراء المجتمع المتجانس في إطار سوق حر سيحقق التقدم بينما ثراء حفنه منه فقط علي حساب باقي المجتمع سيؤدي إلي مزيد من الفقر والتباين . تحقيق التوازن بين المزيد من الغني لأكبر شريحة في المجتمع مع القضاء علي الفقر وتمكين الفقراء هي المعادلة الصعبة اللازم حلها في مصر وفي كل محافظاتها... هذا يتطلب صياغة لرؤية بها التوازن بدلا من الانسياق وراء مزيد من البرامج والمشروعات التي تحقق حلولا جزئيه دون نهضة شاملة. المتابع للأحداث في الشارع المصري وفي قري ونجوع مصر يحس بالتباين بين معاناة المواطن اليومية في الآكل والشرب ، وفي السكن والانتقال والنقل والمواصلات وفي التعليم والتشغيل للخبرات الجيدة وفي الحصول علي الحقوق وفي الحفاظ علي القيم في عالم تزداد فيه الضغوط . مصر لديها إمكانات ولكن يتفشي فيها سوء استخدام كبير لهذه الإمكانات ... ويتفشي فيها أيضا فساد وإحباط بل وإجهاض لآمال وطموحات العديد من أبنائها فما بال الفقراء منهم ... بالمدن الرصيف يعاد رصفه عدة مرات بينما هناك مدن بدون ارصفه ، والطرق ترصف بأسلوب عشوائي دون أدني درجات الجودة وبتكلفه تزيد عن الدول الغنية ، والمياه تهدر في حين لا يزال هناك ما يحتاج كوب ماء نظيف ، والإهدار الحكومي غير المسئول في قطاعات كثيرة يمكن أن يساهم في القفز بمصر سنوات، والزمن لا قيمة له والإنسان لا يقدر حق قدره خاصة لو كان فقيرا... صوت الفقراء هو صوت ضعيف وضائع ومغلوب علي أمره... وآن الوقت أن يسمع ويقدر ويحترم فلسفه تمكين الفقراء تعني تحول لأنين الفقراء إلي صوت للمشاركة والديمقراطية والبناء والنماء بل وغناء أنشودة تنمية ورخاء الوطن ، والاستمتاع ببهجة النجاح في القضاء علي الفقر والدخول إلي بوابة الأمل بالعلم والعمل والاستثمار والإنتاج والاستقرار والآمان... مواجهة الفقر تتم بالتقدم والعدالة، والرخاء والتمكين