كنت وقتها أحبو في شارع الصحافة، وماإن وقفت علي باب مكتبه، حتي رأيتني أتميز غيظا، ويرتفع حاجب دهشتي من " مكتب الأستاذ " ؛ فالكاتب الكبير يكاد لايستطيع أن يمد يده علي طولها ليصافح زائريه من ضيق الحجرة الفقيرة التي يُبدع فيها روائع النقد السينمائي، وأفلاما ومسلسلات تأخذنا لزمن الفن الجميل، والدليل " الشريدة " و"نحن لانزرع الشوك" . بدأت العمل مع الأستاذ في "أخبار النجوم"، فإذا بي أكتشف إنسانا من طراز فريد، فالرجل يعمل 15 ساعة يوميا، دون أن تغيب ابتسامته التي يصافح بها الجميع، عمل متواصل لايقطعه سوي أدائه للصلاة، وماإن ينتهي من الصلاة حتي يعود لصديقه الإبداع الذي يغلفه تواضع أولي العزم من نجوم صاحبة الجلالة، فمازلت أسمعه وهو يعطيني مقاله : " ياسولم شوف لنا عنوان " ثم يمر علينا الراحل المبدع الجميل عمنا فؤاد فواز، فيداعبه " يافوز" : " اقرا المقال واختار عنوان " وطبعا " الأستاذ" يكون سبقنا في اختيار عنوان لمقاله، ونتناقش في العناوين الثلاثة التي اخترناها لمقال " الأستاذ الكبير" وننتهي لأجملها وغالبا مايكون الذي أبدعه " الأستاذ" .. أرأيتم تواضعا أعظم من ذلك ؟ عندما مات المخرج الرائع صلاح أبو سيف، كتب " الأستاذ" مقالا، وعنونه " السقا مات" .. ثم تناقشنا في العنوان، وانتهينا ليكون " السقا عاش "، فإذا بالكاتب الكبير يكاد يطير فرحا، وهو يردد : عنوان هايل هيعجب القاريء . الأستاذ مات .. لا، " الأستاذ عاش " في قلوب كل من عرفه . الله أسأل أن يتغمد الله أستاذي أحمد صالح برحمته.