جمال الغيطانى بعد الإعلان عن حركة كفاية في بداية الالفية الثالثة من خلال البيان الذي وقع عليه ثلاثمائة معظمهم من المثقفين والسياسيين، بعد ظهور الحركة بدأت تظاهراتها، كنت مبهوراً بالاسم ودلالته وعبقريته، كانت مجرد كلمة، ولكنها بالغة المعني، وعندما بدأت المظاهرات لم يكن الهدف منها الحشد الكبير. بقدر ما كان كسر الخوف من آلة القمع البوليسية، سواء كانت ظاهرة أو خفية، لم يكن سهلا وقوف بضع مئات في الميادين الرئيسية ورفع شعارات ضد النظام وقتئذ. شيئا فشيئا راحت الأعداد تقل، أذكر أنني مضيت إلي ميدان عابدين في أحدي السنوات للمشاركة في مظاهرة ضد البطالة، توقعت اعداداً ضخمة فالمشكلة حادة وما من بيت إلا ويعاني منها، طال وقوفي، وفجأة جاء إلي جواري رجل أمن يرتدي الملابس المدنية، قال ناصحاً إن العدد لن يزيد عن ذلك، بل انهم معروفون بالاسم. نصحني بالذهاب وعدم ارهاق النفس، كانت أعداد مظاهرات كفاية قليلة ونجح الإعلام في حصارها والسخرية منها، وكانت مواقع الاحتجاج تتعدد في القاهرة، وكان أبرزها سلم النقابة المؤدي إلي المبني الضخم والذي يبدو مثل الخرابة الان رغم الفخامة الغابرة، لم تتوقف مظاهرات كفاية التي كانت تعد بالعشرات وتحاصر بقوات مدججة، إلي أن حانت اللحظة، اللحظة التي يجهلها الحاكم، وأجهزة القمع والأحزاب، لحظة تتسق مع تكوين المصريين والدوافع التي تحركهم، انطلقت ثورة يناير وانكسر حاجز الخوف تماماً، وتمكنت الثورة المضادة بقيادة جماعة الإخوان من الهيمنة والوصول الي الحكم، وبدأت حركات الاحتجاج المضادة لهيمنة جماعة واحدة تسعي الي تغيير هوية الدولة، وهذا ما يجري الآن، والغريب ان قادتها يلجأون الي نفس اساليب النظام السابق ولكن مع مزيد من العنف وقد ظهر ذلك واضحاً في نزول جماعات الإخوان والتصدي للمتظاهرين يوم الجمعة، رغم كل الملاحظات السلبية علي مظاهرات الرابع والعشرين من اغسطس، فإنها تعكس قلق مصر والمصريين من محاولات الهيمنة الإخوانية والاساليب المستخدمة للسيطرة والتمكين، المظاهرات نذير بين، اما السخرية من الأعداد القليلة ومحاولة تشويه المتظاهرين فيكفي مراجعة الظروف التي ولدت فيها كفاية، اما عن معالجة الموقف من الجماعة الحاكمة، والجماعات المعارضة فيحتاج الي حديث آخر.