إبراهيم سعده أعجبني ما كتبه، أمس، الدكتور وحيد عبدالمجيد المتحدث الرسمي باسم الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور مطالباً بقيام " أكبر عدد ممكن من الصحفيين والإعلاميين بدورهم في متابعة أعمال الجمعية التأسيسية خاصة في قضايا حريات الصحافة والفكر والتعبير، سعياً إلي دعم الجهود المبذولة لمواجهة القيود الجديدة المتضمنة في بعض المقترحات التي ناقشتها لجنة الصياغة في قراءة أولي". وضرب د. وحيد عبدالمجيد مثالاً علي ذلك ب: "النص للمرة الأولي في دستور مصري علي الحبس في جرائم النشر، مع التوسع في هذه العقوبة المشينة بما يتجاوز قانون العقوبات. فالنص المقترح يعيد الحبس في قضايا السب والقذف مثلا بعد أن نجح نضال أصحاب الرأي في إلغائها في القانون. كما يعيد وقف وتعطيل الصحف بغير الطريق الإداري رغم إلغائهما في القانون باعتبارهما من العقوبات الجماعية التي تعاقب من لا ذنب لهم". وبتحديد أوضح ينبهنا المتحدث الرسمي باسم التأسيسية إلي إن هناك مواد مقترحة ينبغي مواجهتها خاصة المادة القائلة إن"(حرية الفكر والرأي مكفولة, ولكل إنسان حق التعبير عن فكره ورأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة وحقوق الغير). الاعتراض هنا علي العبارة الأخيرة القائلة: "بما لا يمس الحياة الخاصة وحقوق الآخرين". ويجب شطبها لأنها في وجودها كما كتب د. وحيد عبدالمجيد يمثل تكراراً معيباً لنص آخر، في مشروع الدستور، يؤكد "عدم المساس بحرمة الحياة الخاصة بشكل مطلق سواء في التعبير عن الفكر والرأي أو غيرهما. كما أن حقوق الغير تشمل بالضرورة وبحكم التعريف حرمة حياته الخاصة وغيرها من الحقوق التي ينظمها القانون في مواضع عدة لأنها بطابعها متعددة ولا يجمعها جامع". ولا أعرف إذا كانت الأغلبية في التأسيسية ستوافق علي هذا الشطب وعلي تعديلات جوهرية تمس باقي المواد المعترض عليها ضماناً لحرية الصحافة والفكر والإعلام أم لن توافق وتصر علي الإبقاء عليها كما أقروا بها رغم عوارها وتعارضها مع ما نطالب به ونسعي إليه (..). ولأن الجمعية التأسيسية تسابق الريح في طرح مشروع دستورها الجديد خلال أسبوعين أو ثلاثة علي الأكثر، فإن الوقت المتاح لن يسعف المطالبين بتعديل مادة، أو شطب عبارة، أو إلغاء نصوص كاملة.. ترجعنا إلي الوراء بدلاً من دفعنا إلي الأمام. والحل البسيط في تصوري أن نعود إلي ما عرفت باسم: "وثيقة تونس في الحقوق والحريات" التي وصفها المسئول عن الموقع الإلكتروني الرائع "الأوان" في تقديمه لها قائلاً: "إنها وثيقة حقوقية تعكس مطالب الحرية والكرامة التي نادت بها الجماهير العربية المنتفضة. أعدت ببادرة من المعهد العربي لحقوق الانسان، والاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، والهيئة الوطنية للمحامين، وجمعية النساء الديمقراطيات، ونقابة الصحافيين التونسيين. ننشرها اليوم كاملة مؤملين أن تكون وثيقة نموذجية بالنسبة إلي سائر أقطار العالم العربي، وأن تكتسي قيمة مرجعية وانطباقية مصاحبة للدساتير ومصدر إلهام لها". لم يبالغ مسئول موقع "الأوان" في تعريفه بتلك الوثيقة. فكل ما جاء فيها من أبواب ومواد وصياغة أراه من وجهة نظري ونظر المئات الذين علقوا عليها في نفس الموقع من الحداثة، والعصرية، والالتزام بسماحة الأديان السماوية، والتزاماً بكل حقوق الإنسان المتفق والموقع عليها الغالبية الكاسحة من دول العالم الأعضاء في الأممالمتحدة بحيث يصعب الخلاف عليها. و كم أتمني لدستورنا الجديد ألا يأتي ناقصاً أو مفتقداً مادة أو أكثر منها. .. وللحديث بقية.