اخشي ما اخشاه ان تكون هناك نية مبيتة للقضاء علي السياحة.. صناعة الامل وانهاء دورها في مكافحة الفقر والبطالة وتحقيق الازدهار الاقتصادي لمصر وشعب مصر. ما يثير لدي هذا الخوف تلك المؤشرات والممارسات السلبية التي يتعرض لها هذا النشاط الواعد اقتصاديا واجتماعيا. انها تتمثل في اضطرار عدد من المنشآت السياحية في مقاصدنا السياحية الشهيرة الي اغلاق ابوابها إما نتيجة انحسار الحركة السياحية أو بسبب ما يتعرضون له من أعمال سطو وقرصنة. الكارثة التي نعيشها هي أنه لا احد يهتم بهذا الامر علي اساس المثل الذي يعبر عن سوء النية وعدم المبالاة من الاجهزة المسئولة عن مواجهة هذا الوضع والذي يقول: لا اسمع.. لا أري؟! في هذا المجال كان من الطبيعي ومعي كل الذين يهمهم أمر هذا الوطن ان نشعر بالصدمة وتلاشي الامل في التقدم الي الاحسن بعد متابعة مسلسل الاحداث المأساوية التي وقعت.. قيل لي من مصادر موثوقة ان بعض المنشآت السياحية اغلقت ابوابها بالفعل وان منشآت اخري تعرضت لعمليات ابتزاز. كان وراء هذه الاعمال جماعات منفلتة في جنوبسيناء هاجمت هذه المنشآت زاعمة انها تملك الارض- التي بنيت عليها- بوضع اليد منذ عدة عقود. لم يلتفتوا للمستندات التي تؤكد انه قد تم شراء هذه الاراضي من هيئة التنمية السياحية التابعة لوزارة السياحة وتم دفع قيمتها بالكامل. هؤلاء البلطجية ادعوا ان هذا الامر لا يعنيهم ولجأوا الي العسكرة بسلاحهم وخيامهم في ساحات هذه المنشآت مما اعتبره السياح والمقيمون ارهابا يهدد حياتهم ويجبرهم علي الرحيل. بعض اصحاب هذه المنشآت وللحفاظ علي عشرات الملايين من الجنيهات التي دفعوها لاقامتها يضطرون لدفع المطلوب بعد المساومة.. في نفس الوقت يلجأ البعض الآخر الي دفع اتاوات بشكل دائم لاعضاء هذه العصابات علي اساس ان يقوموا بعملية الحماية لهم من عمليات القرصنة والسطو. كيف بالله يمكن لدولة تعد السياحة ركيزة اساسية لتقدمها الاقتصادي والاجتماعي ان تواصل مسيرتها علي هذا الطريق. المصيبة ان الاستنجاد برجال الدولة المتواجدين في المنطقة اصبح لا قيمة له ولا يجد اي استجابة وكأن الامر لا يعنيهم. المثير للدهشة ان بعض هؤلاء المسئولين ينصحون بالخضوع لهذا الابتزاز باعتباره الوسيلة الوحيدة للحفاظ علي ملكية هذه المنشآت بما يعني انه لم تعد هناك دولة في مصر. ومن الطبيعي ان تكون محصلة تواصل هذه الظاهرة علي مرأي من السياح الذين جاءوا الينا للاستمتاع بما نملك من طبيعة وطقس حبانا الله بهما هو الهروب.. بناء علي هذا الوضع الذي يعكس الاحساس بغياب الامن والاستقرار تضطر الدول ومنظمو الرحلات بها الي التحذير من زيارة مصر وإلغاء كل البرامج المعلنة بشأنها وهو ما حدث بالفعل.. يأتي هذا الذي تتعرض له صناعة الامل في مصر بعد سلسلة التصريحات غير المسئولة لبعض رموز النظام الحاكم وهو ما هز الثقة في مصر كمقصد سياحي لا مثيل له في العالم.. هذه الشهرة لا قيمة لها بالنسبة لمنظمي الرحلات والسياح اذا ما ارتبط الامر بقضية التأمين. انه لا جدال شيء عظيم ومحمود ان تقوم قواتنا المسلحة بتطهير شمال سيناء من المجرمين الخارجين علي القانون والذين يستهدفون سيادة وأمن مصر في هذه المنطقة المقدسة. لا جدال ان الشعب كله وبلا استثناء يقف وراء هذه المهمة الوطنية وما يتصل بها من تضحيات تعبر عن الانتماء والولاء لهذا الوطن. كم ارجو ان يكون لهذه الحملة امتداد ايضا الي باقي المقاصد السياحية لتطهيرها وحماية الاستثمارات من عبث الذين اغراهم الانفلات الامني والتسيب الي ارتكاب حماقة التعرض للاستثمارات والمنشآت السياحية في محافظة جنوبسيناء. من المؤكد ان تأمين هذه الاستثمارات هو من صميم متطلبات استعادة هيبة الدولة وسيادتها الا اذا كان هناك من هم يفضلون استمرار هذه الحالة لغرض في نفس يعقوب. أليس غريبا ان تتم التضحية بالدخل الهائل الذي تحققه صناعة السياحة والذي وصل الي 12.5 مليار دولار في سنة ما قبل الثورة في نفس الوقت الذي نذل انفسنا وكرامتنا وعزتنا من اجل استجداء الحصول علي اقل من نصف هذا المبلغ.. هل هذا حرام ام حلال.. ام أن ما يجري يدخل ضمن العمل المبرمج لتعريض مصر للمزيد من الانهيار والخراب.