رضا محمود لا أمل التذكير بالنصيحة التي قدمها لنا الرئيس التركي عبد الله جول عندما كنت في زيارة لأنقرة ضمن وفد صحفي مصري: »إياكم والانتقام حتي تتحرك مصر للأمام.. لو ظللتم تتربصون ببعضكم فسوف يتعطل بلدكم ويتأخر كثيرا ولسوف تفقدون الروح الثورية التي فجرتها فيكم ثورة يناير«. للأسف لم يستجب أحد لما كتبته مرارا من ضرورة البعد عن التربص والانتقام حتي يمكننا أن نتفرغ لتسخير كل ما أوتينا من فكر وجهد وأفكار بناءة تساعد مصر علي تجاوز محنتها وتخلصها من حالة الركود والموات الاقتصادي التي كانت السبب في قطع أرزاق آلاف الأسر التي وجد عائلها نفسه فجأة بلا عمل ولا مورد رزق.. كثير من هؤلاء اتجه للأسف إلي امتهان التسول علي النواصي وفي الميادين وإشارات المرور وعربات وسلالم محطات مترو الأنفاق، رغم أن منهم من يبدو في صحة وعافية.. وقد بلغ الأمرمداه ونحن نري الزيادة الملحوظة في أعداد السيدات اللائي اتجهن للتسول، حتي بدت المسألة وكأن نصف الشعب قد تحول إلي متسولين ومتسولات ! ورغم هذه الحالة المزرية البائسة لازال الهم الأكبر لأغلب القوي السياسية يتركز علي الإمساك بعداد الأرقام لحساب أداء الحكومة خلال المائة يوم التي قال الرئيس مرسي أن مشاكل بعينها سوف تحل خلالها، رغم أنهم أكثر من يدرك بأن إعادة الانضباط لشارع مثل 26 يوليو وحده وتنظيمه وتنظيفه يحتاج إلي أكثر من المائة يوم، فما بالكم ومصر كلها قد تحولت إلي ما هو أسوأ من شارع26 يوليو، ناهيك عن تبجح وجرأة وفجور البلطجية الذين صاروا دولة داخل الدولة ، بل إنني لا أكون مبالغا إذا قلت إنهم- بما تسرب لهم من أسلحة حديثة - أصبحوا أقوي وأكثر ثقة بأنفسهم من جهاز الشرطة نفسه الذي ربما لايحمل كثير من أفراده أسلحة بنفس كفاءة أسلحة البلطجية ؟! وحتي لايكون ما أكتبه مجرد حبر علي ورق وملء لمساحة الفراغ المتروكة للمقال أود أن اقترح فكرة للاستفادة من المائة يوم بشكل مختلف.. ما رأيكم لو عمل كل واحد منا خلال فترة المائة يوم علي معالجة كثير من الأفكار والقيم المغلوطة التي رسخها في عقول أبنائنا نظام التعليم الفاسد في عصر الرئيس المخلوع الذي لعب أسوأ دور في تفريغ وتسطيح عقول فلذات أكبادنا؟!.. تعالوا نعلمهم المحافظة علي ممتلكات الدولة ونمحو من أذهانهم فكرة استباحة هذه الممتلكات ونفهمهم أنها أولا وأخيرا ملكنا الخاص الذي دفعنا ثمنه من الضرائب.. تعالوا نعلمهم أن إلقاء القاذورات والبصق في الشوارع هو علامة علي تخلف الشعب الذي يأتي بمثل هذه التصرفات.. تعالوا نعلمهم الاستفادة بالوقت فيما يفيد بدلا من الجلوس ساعات طوال أمام فضائيات لاتزرع إلا الغل والحقد وكراهية الآخر،وتُروّج لقيم شاذة وتنفذ أجندات لاهدف لها إلا هدم الدين والأخلاق.. تعالوا نتكاتف لتنظيف البيئة المحيطة بنا في كل شارع وحارة وزقاق من أجل أن نسهل المهمة علي الحكومة في إنجاز ما وعدت به.. تعالوا نخدم المواطن بهمة وإخلاص- كل في موقعه - كما تفعل الناس المحترمة في كل دول العالم دون أن نفتح الأدراج للرشاوي والذي منه! صدقوني.. المهام المطلوبة منا كمواطنين خلال المائة يوم لا تقل في أهميتها وصعوبتها عن المهمة التي تعهدت الحكومة بتنفيذها.. ولو انشغل كل واحدبإصلاح نفسه وضبط إيقاع الأداء داخل جدران بيته فسوف يكون ذلك أجدي وأنفع لمصر بدلا من أن نظل نتصيد الأخطاء يخون بعضنا بعضا.. تعالوا نجرب مثل هذه الأفكار الإيجابية إذا كنا حريصين فعلا علي أن تنهض مصر وترتفع هامتها من جديد.