رجاء النمر أشرقت شمس اليوم علي قصر فرعون.. القصر بمن فيه يسير في حركة روتينية يومية.. خرجت زوجة فرعون تتمشي في حديقة القصر كعادتها اليومية.. لا تعرف هي ولا يعرف أحد ما الذي جعلها تمشي مسافة أطول مما تمشيه عادة كل يوم. كانت زوجة فرعون واسمها (آسية بنت مزاحم) تختلف كثيرا عن فرعون.. كان هو كافراً.. أما هي فكانت مؤمنة (علي الفطرة).. كان هو قاسياً، وكانت هي رحيمة.. كان جباراً فظاً.. وكانت رقيقة طيبة.. كانت ايضاً حزينة.. لم تكن (آسية) تلد، وتتمناه من السماء. توقفت زوجة فرعون عند أشجار الفل، بينما كانت جواريها يملأن الجرار من النهر (نهر النيل). كان الصندوق الذي يحمل (موسي) يرقد عند اقدامهن.. حملته الجواري كما هو الي زوجة فرعون، وعندما فتحن الصندوق ورأت (موسي) داخله، احست أنها تحبه كابنها.. فقد ألقي الله في قلبها محبته، انهمرت دموعها وحملته من الصندوق.. راحت تقبله وتبكي. استيقظ (موسي) وبدأ يبكي هو الآخر، وكان جائعاً يحتاج الي رضعة الصباح. أما فرعون فقد كان جالساً علي مائدة الافطار ينتظر زوجته فلم تحضر.. فوجيء فرعون بها خارج الحجرة تحمل رضيعاً وتغرقه بقبلاتها والدموع تملأ عينيها. وعندما علم فرعون بقصة الرضيع والصندوق قال: هذا أحد اطفال بني إسرائيل.. لماذا لم يقتل، فهذا العام هو موعد قتل المواليد الذكور من بني إسرائيل.. صرخت زوجته، وضمت موسي إلي صدرها » قالت إمرأة فرعون قرة عين لي ولك، لا تقتلوه عسي أن ينفعنا أو نتخذه ولدا«. اصابت ردة فعل (آسية) دهشة فرعون، وهو يري زوجته تضم الرضيع لصدرها.. دهش أكثر عندما وجدها تبكي من الفرح، وهو لم يرها تبكي قبل ذلك من الفرح. قال فرعون في نفسه لعلها تذكرت أنها لا تنجب اطفالاً وتريد هذا الرضيع ابنا لها. استجاب فرعون لرغبتها وسمح لها أن تربي الطفل في قصره. وتعلم موسي في قصر الفرعون الحساب والهندسة والفلك والكيمياء والطبيعة واللغات. مرت الأيام والسنون،.. وبشر موسي (عليه السلام) برسالة السماء، وحمل التوراة.. كفر به فرعون بينما آمنت به زوجته، وعندما علم الزوج بذلك أمر بتعذيبها وقتلها. »إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة«.. قال العلماء ما أحسن هذا الكلام، فقد اختارت الجار قبل الدار.. فهي تطمع إلي جوار الله قبل طمعها في القصور، وفي الآية دليل علي ايمانها وتصديقها بالبعث. وقالت »ونجني من فرعون وعمله، ونجني من القوم الظالمين« قالت التفاسير لما دعت بالنجاة نجاها الله تعالي أكرم نجاة، فرفعها الي الجنة تأكل وتشرب وتنعم.