نوال مصطفى في حياة كل إنسان لحظات فارقة ، يقف عندها مع نفسه متأملاً للحظة ، مستوعباً لها. وقد عشت واحدة من تلك اللحظات الفارقة في حياتي يوم الأربعاء الماضي. في ذلك اليوم صدرت حركة التغييرات الصحفية لرؤساء التحرير بالصحف القومية وإصداراتها المختلفة. وفي ذلك اليوم غادرت موقعي كرئيس تحرير لأحد أعرق الإصدارات في دار أخبار اليوم الرائدة وهو :سلسلة كتاب اليوم ، ورجعت كاتبة متفرغة لقلمي ومقالاتي في بيتي الأصلي الذي قضيت فيه سنوات عمري الصحفي. متحررة من مسئولية كبيرة حملتها بحب وإخلاص خلال السنوات الماضية. وتسلمت الراية الزميلة العزيزة الكاتبة الصحفية ثناء أبوالحمد وهي أفضل اختيار لتحمل هذه المسئولية الكبيرة، فقد تزاملنا لسنوات طوال بجريدة الأخبار وكانت "ولا تزال" كفاءة صحفية متميزة ، وإنسانة تتمتع بالأخلاق الكريمة والسلوكيات الراقية والثقافة العميقة. وهذا ما جعلني سعيدة ومطمئنة بالقادم من إنجازات سوف تتحقق تحت قيادتها لهذا الإصدار العريق. في تلك اللحظة الفارقة في مشواري الصحفي والأدبي وجدتني أستعيد الشريط من أوله ، وأعيش ذكريات حبيبة عشتها خلال 7 سنوت كرئيس تحرير لكتاب اليوم. لحظات مشحونة بالفخر بما تحقق ، والرضا الكامل عما تم إنجازه. لحظات يمتزج فيها الفرح بالشجن ، والتأمل بالارتياح ، والأمل بالسكينة. كنا كتيبة مؤمنة بدورها ، مليئة بالحماس ، مشحونة بالإخلاص ، متدفقة بالأفكار الجديدة. بدأت أنا وحسام طلعت .. ثم انضم إلينا نادر مصطفي عيسي وبعده مهند الشناوي ، وعمرو أبو السعود وربيع عبد الحميد. نجحنا أنا وكتيبة "كتاب اليوم" المناضلة في أن نحول "كتاب اليوم" من مجرد إصدار لكتاب شهري إلي حالة ثقافية تموج بالحركة. فكرنا أولاً في أن نصدر كتاباً ثانياً في منتصف كل شهر وهو كتاب اليوم "السلسلة الطبية" وهدفه نشر الثقافة الطبية بأسلوب سهل وشائق إلي جانب الكتاب الثقافي الرئيسي الذي يصدر أول كل شهر. بعدها فكرنا في صالون أدبي يعيد أمجاد رواد الفكر والأدب. استلهمنا فيه الصالونات الأدبية في عصر التنوير ومنها صالون "مي زيادة" وصالون "العقاد" وغيرهما. كنا نقيم صالون كتاب اليوم الأدبي شهرياً، وندعو إليه كبار الكتاب والمفكرين في مصر . حضره علي سبيل المثال الراحل رجاء النقاش والدكتور جابر عصفور والكتّاب أسامة أنور عكاشة ، صلاح عيسي ، علاء الأسواني، عبد الهادي مصباح، عزة بدر وزينب عفيفي وغيرهم. وأتذكر بمزيد من الفخر مسابقة كتاب اليوم الأدبية تلك الفكرة البراقة التي ابتكرتها كتيبة "كتاب اليوم" أقمنا دورتين متتاليتين منها وأحدثت ضجة مدوية في الوسط الثقافي وأشاد الجميع بدور أخبار اليوم الرائد كقاعدة لإطلاق الصواريخ الأدبية والمواهب الإبداعية. والآن أعيش اللحظة الفارقة في حياتي بمشاعر يغمرها الرضا والفخر.. والأمل في المزيد من التقدم لكتاب اليوم بإذن الله . وكل عام وأنتم بخير.