كان طبيعيا أن يلغي الجهاز الفني لمنتخب مصر الاول مرانه الصباحي الذي كان مقررا أن يؤديه أمس بالعاصمة النيجرية - نيامي - استعدادا لمباراة النيجر في الجولة الثانية للمجموعة الثانية بتصفيات كأس الامم الافريقية لكرة القدم وهي المباراة التي تقام بعد غد الاحد علي ستاد الجنرال سوني كونشت بالنيجر .. فرحلة العذاب التي قطعتها االبعثة المصرية من القاهرة إلي النيجر والتي استغرقت خمسة عشرة ساعة تقريبا ، كانت كفيلة بأن تنهي علي القوة الجسمانية والنفسية للاعبين وأيضا الجهاز الفني ، ومن ثم كان الاصرار علي تنفيذ البرنامج التدريبي الموضوع والمتضمن إقامة مرانين أمس هو نوع من التعذيب والتنكيل للاعبين ، خاصة أن الفريق كان قد أدي مرانا صباحيا شاقا بالقاهرة توجه بعده علي الفور إلي المطار لبدء رحلته المضنية .. بعثة المنتخب المصري كانت قد حطت رحالها بفندق الاقامة بالنيجر في تمام الساعة الثانية صباحا بتوقيت نيامي - الثالثة بتوقيت القاهرة - فيما كانت قد بدأت الرحلة في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم لتكون الرحلة قد إستغرقت قرابة الخمسة عشرة ساعة قضت منها ثلاث ساعات ترانزيت بالعاصمة الليبية طرابلس ولولا الاستقبال الطيب الذي أعده الاخوة مسئولو الاتحاد الليبي للبعثة بناء علي توصية من د. محمد القذافي الذي أرسل تحياته للبعثة عبر كل من : صلاح العربي رئيس الاتحاد ، وأحمد عبد المجيد الامين العام للاتحاد ، لما قويت البعثة علي الصمود لمواصلة المسيرة .. وعلي الرغم من وصول البعثة المصرية إلي النيجر في هذا الوقت المتأخر جدا إلا أن مسئولي السفارة المصرية وعلي رأسهم السفير النشط جدا بلال عبد الواحد حرصوا علي إستقبالها ، بل أن السفير أبي أن يغادر فندق البعثة قبل أن ينهي أخر فرد فيها إجراءات الاقامة ، وهو ما تطلب مغادرة السفير للفندق قبل ساعات قليلة من شروق شمس يوم أمس الخميس ، وذاك عامل أخر أسهم في التخفيف من معاناة أفراد البعثة .. وبعد أن حصل اللاعبون والجهاز الفني علي قسط كاف من النوم والراحة أدي الفريق مرانه الأول بالنيجر ، وبدأ الساعة الرابعة والنصف بتوقيت القاهرة - الثالثة والنصف بتوقيت نيامي - وهو نفس التوقيت الذي تقام فيه المباراة .. وعلي الرغم من مشقة الرحلة إلا أن الكابتن حسن شحاتة المدير الفني حرص علي أن تكون الجرعة التدريبية عالية وشديدة ، منها ليعوض المران الصباحي الذي تم إلغاؤه ، وأيضا يعيد اللاعبين لحالة اليقظة البدنية والنفسية للمباراة خوفا من أن تكون الرحلة الطويلة المملة أفقدتهم بعضا من حالة التركيز والتوقد التي كانوا عليها في تدريباتهم الاخيرة بالقاهرة .. وشارك في قيادة التدريبات باقي أعضاء الجهاز الفني المكون من شوقي غريب المدرب العام ، وحمادة صدقي المدرب المساعد ، وأحمد سليمان مدرب حراس المرمي .. وشارك فيه جميع اللاعبين الذين ضمتهم البعثة وعددهم 24 لاعبا وشاهده من الخارج الكابتن سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري المرافق للبعثة بصفته الاشرافية علي المنتخب ، والكابتن حازم الهواري عضو مجلس إدارة الاتحاد ورئيس البعثة .. وقبل المران كان المعلم حسن شحاتة قد حرص علي التحدث للاعبين ليعيد عليهم التذكير بأهمية المباراة وخطورة المباراة ، ويطالبهم بضرورة تحسين الصورة التي اهتزت بنتيجة المباراة السابقة في الجولة للتصفيات أمام سراليون والتي أقيمت بالقاهرة وانتهت بالتعادل 1/1 .. ولم ينس أن يلفت المعلم إنتباه اللاعبين إلي السمعة الطيبة التي حققوها في الست سنوات الاخيرة بحصولهم علي لقب البطولة الافريقية ثلاث مرات متتالية ، وطالبهم بضرورة الحفاظ علي تلك السمعة ، وأكد المعلم للاعبيه علي أن الجماهير الذين رفعتهم علي الاعناق ، والاعلام الذي طار بهم إلي عنان السماء لن يرحمهم أو يغفر لهم إذا - لا قدر الله - خرجوا من التصفيات .. نفس هذه الكلمات هي التي كان يرددها حسن شحاتة للبعثة الاعلامية طوال الرحلة ، حيث شدد شحاتة في كل مرة علي أهمية وحساسية تلك المباراة ، معتبرها عنق زجاجة لمرحلة تبدو فيها الظروف والاجواء غير مساعدة علي التألق والاجادة والابداع .. الغضب الصامت رحلة السفر المرهقة جدا إلي نيامي فجرت حالة من الغضب الصامت بين أفراد البعثة خاصة اللاعبين والجهاز الفني ، حيث إتفق الجميع علي أن رحلة كهذه ما يجب أبدا أن تكون علي تلك الخطوط الجوية الفقيرة جدا والتي بدأت مثل وسائل ميكروباصات المناطق الشعبية التي تجزأ محطاتها لتحقق أكبر إستفادة مادية .. فقد رأي بعض اللاعبين وبعض أفراد الجهاز الفني أن مجلس إدارة إتحاد الكرة كان من الواجب عليه أن يوفر طائرة خاصة لهذه الرحلة ليوفر علي الفريق كل هذا المجهود الذي بذلوه رغم أنوفهم في هذه الرحلة وقد يكون له أثار سلبية علي العضلات واللياقة من الممكن أن تمتد ليوم المباراة .. ويقول البعض أنه إذا كان الاتحاد قد أراد أن يوفر علي خزينته بعض المال من عدم تأجير طائرة خاصة ، فهم يرون أيضا أن الخسائر ستكون أكبر وأفدح عليهم إذا ما جاءت النتائج غير مرضية .. وتساءل البعض منهم : إذا كان هذا المنتخب الذي حقق لمصر كل هذه الانجازات ، لا يستحق إراحته في مثل هذه الرحلات بطائرة خاصة ، فمن إذا الذي يستحق هذا ؟!! .. ويقول أحد أعضاء الجهاز أن السفر بطائرة خاصة لم يعد بذخا ولا إسرافا في المال ، مشيرا إلي أن كل المنتخبات المحترمة في العالم تسافر رحلاتها بطائرات خاصة ، بل كثير من الاندية المصرية تستأجر طائرات خاصة لرحلاتها الخارجية .. ويضيف بأن المنتخب لن يحتاج في كل هذه التصفيات للسفر بطائرة خاصة إلا في رحلتين فقط ، إحداهما هذه التي نحن فيها الآن ، والثانية إلي سيراليون لأداء مباراة العودة والتي يتوقع أن تكون مرهقة وطويلة كهذه ، أما الرحلة الاخيرة المتبقية والتي ستكون إلي جنوب أفريقيا فمن الممكن ألا تحتاج طائرة خاصة علي إعتبار أن السفر إليها مباشر » Direct« .. زاهر متفائل ومثلما يظهر الكابتن سمير زاهر رئيس الاتحاد في كل سفرياته مع المنتخب متفائلا ومستبشرا بالنصر ، فقد بدا كذلك في هذه الرحلة ، إلا أن هذا التفاؤل وذاك الاستبشار لم يمنعاه من التأكيد علي صعوبة وحساسية المباراة .. فهو يري أن هذه المباراة حتي وإن بدت فيها بعض فوارق الخبرة والامكانيات لصالح المنتخب المصري - بطل أفريقيا - إلا أنها صعبة للغاية نظرا لما تمثله من أهمية وحساسية ولدتها النتيجة المفاجئة وغير المرضية في الجولة الاولي من التصفيات أمام سراليون .. وعلي الرغم من بعض المخاوف التي أبداها زاهر من حدوث نتيجة ثانية مفاجئة ، إلا أنه مطمئن للروح العالية التي عليها اللاعبون ، تلك الروح التي لمسها في التدريبات التي شاهدها لهم بالقاهرة قبل القدوم إلي النيجر .
