أسعدني حظي أن توليت مسئولية الإشراف علي تصميم وإخراج مجلة "الدعوة" لسان حال جماعة الإخوان المسلمين في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات أيام كان المرشد العام للجماعة رجل القانون الخلوق المحترم المرحوم الأستاذ عمر التلمساني. ورغم أني لم أكن يوما عضوا بالجماعة إلا أنني تعلمت الكثير من قيم الود والتسامح والتواضع خلال تولي مسئولية المجلة بالمشاركة مع المرحومين الأستاذ عبد المنعم سليم جبارة وجابر رزق وذلك من معايشتي لكبار الإخوان ومنهم دمث الخلق جدا المرحوم الأستاذ صالح عشماوي والأستاذ مصطفي مشهور والأستاذ كمال السنانيري والشيخ إبراهيم الخطيب وغيرهم من فطاحل الإخوان الذين تربوا في مدرسة الشهيد حسن البنا. كان الأستاذ عمر رحمة الله عليه نموذجا للتسامح حتي مع الحكومات التي اتخذت موقفا عدائيا ومستفزا للإخوان.. ولا أنسي أبدا موقفه عندما كانت الرقابة علي المطبوعات تنتظر حتي تنتهي عملية طباعة وتجليد المجلة ثم تطلب إما حذف بعض المواد الصحفية التي كانت تراها من وجهة نظرها يمكن أن تهز عرش النظام وإما مصادرة المجلة .. كان رأي كبار الإخوان في ذلك الوقت رفض الرضوخ لطلبات الرقابة المستفزة مفضلة المصادرة وتحمل تكلفة الطباعة الباهظة ، بينما كان الأستاذ التلمساني يطلب نسخة من العدد ويقطع بيده الصفحات المرفوضة مفضلا وصول 90٪ من مواد المجلة للقراء بدلا من غيابها عن الأسواق. الأستاذ عمركان يرفض الاستعداء والانتقام ويفضل التسامح حتي مع أعدي أعداء الإخوان. وأتصور أنه لو كان التلمساني موجودا في هذا الزمان لاتخذ نفس المنهج في التعامل مع المشكلات الحالية بتأجيل التصدي للمستعصي منها والتعامل بيسر مع المشاكل القابلة للحل، وتفضيل سياسة لم الشمل بعيدا عن الاستعداء واختلاق أعداء جدد حتي يبدأ التحرك نحو بناء الدولة المحترمة وإثبات أن الإخوان يستحقون المكانة التي وصلوا إليها.