في كل عام، وفي مثل هذه الايام من شهر رمضان المبارك، ومهما تعددت هموم الوطن، ومهما ثقلت وكثرت شواغل المواطن، الا ان يوم العاشر من رمضان يبقي دائما يوما متميزا، وذكري متفردة لكل المصريين، يحمل في طياته عبق النصر، واستعادة الكرامة، بما جري فيه من قهر للهزيمة، ومحو لعار النكسة والانكسار. وفي ذلك اليوم المشهود من تاريخ مصر وشعبها، الذي وافق بالامس العاشر من رمضان، كان موعد ابطال مصر من جنود وضباط قواتها المسلحة، مع بدء معركة التحدي والمصير لتغيير واقع الهزيمة المر، وإزالة آثار العدوان، الذي دنس ارض سيناء الغالية بالاحتلال، واصاب كرامة الامة وعزتها في مقتل. ويخطيء من يظن اننا انتصرنا في العاشر من رمضان منذ ما يقارب الاربعين عاما، بالدعاء، والصوم، والتضرع الي الله، في هذا الشهر الفضيل، دون العمل والجهد وبذل غاية ما نستطيع لتحقيق ما نسعي اليه، من تحرير للارض، واستعادة للحقوق المسلوبة، والكرامة المهدرة،...، فهذا ظن خاطيء يخالف الواقع ويجافي الحقيقة. والحقيقة المؤكدة، والمعني الواضح في معركة العاشر من رمضان، هي ان الله عز وجل وفقنا الي النصر لاننا عملنا بما امرنا ان نعمل به، واعددنا لاعدائنا كل ما استطعنا من قوة، وجهزنا للحرب عدتها، بالعلم والتدريب والعتاد، وعقدنا العزم علي النصر، ثم توكلنا علي الله فكان الله معنا، والنصر حليفنا. نقول ذلك ونحن نسترجع ذكريات ووقائع هذا الانتصار العظيم، الذي تهل علينا وقائعه واحداثه في العاشر من رمضان من كل عام، حاملة معها عطر الشهادة وريح التضحية دفاعا عن الوطن، وذودا عن حريته، ضد كل من تسول له نفسه المساس بحبة رمل واحدة من ارضه المقدسة. وفي هذه الذكري التي مرت علينا بالامس، واطلت فيها علينا ارادة الانتصار، ولاحت بأنوارها عبر بوابات الزمن، لتعيد مشاعر واحاسيس تلك اللحظات الخالدة في تاريخ الوطن، وتدفعنا لليقين بأننا نستطيع اذا ما عقدنا العزم، وعملنا بالجدية الواجبة، ان نغير واقعنا الذي لا نرضي عنه، الي واقع جديد نأمله ونصبو اليه ونسعي لتحقيقه. ومع نسمات العاشر من رمضان التي استقبلناها بالامس، يعاودنا الأمل اليوم بأن تستعيد الأمة قوة ارادتها، وايمانها الكامل بقدرة ابنائها علي حمايتها، واستعدادهم الدائم للدفاع عنها والتضحية من اجلها. وفي هذا اليوم نتضرع الي الله عز وجل، ان يلهمنا الصواب وان يعيننا علي تغليب مصلحة الوطن فوق مصالحنا الذاتية، وان يعطينا القدرة علي انهاء حالة الانقسام والاختلاف القائمة الان بين القوي السياسية، وان نتوحد جميعا للعمل الصادق والمخلص لتحقيق طموحات الشعب في الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة القائمة علي سيادة القانون، والعدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجميع. »ونواصل غدا ان شاء الله«.