إبراهيم سعده اليوم الأحد الموافق العاشر من رمضان تتجدد أمامنا ذكرتان ملتصقتان لا تنفصلان، رغم أن الأولي أسعدتنا وحققت أغلي أمانينا، أما الثانية فكانت حزينة دامية ومروعة. في العاشر من شهر رمضان الذي وافق السادس من أكتوبر1973 أصدر الرئيس المصري أنور السادات قرار الحرب ضد قوات العدو الإسرائيلي التي كانت تحتل سيناء بالكامل منذ حرب يونيو 1967 وهي الحرب التي تحقق فيها أول نصر عسكري علي إسرائيل، واستردت مصر بعدها آخر شبر من أرضها التي كانت محتلة. بعدها.. أصبح الاحتفال بيوم النصر سنة بعد أخري أبرز وأهم أعيادنا الشعبية والوطنية. اختلف الاحتفال عام 1981، حيث تم اغتيال بطل الحرب والسلام الرئيس أنور السادات أثناء وقوفه شامخاً ومتابعاً الاستعراض العسكري أمامه برصاصات أطلقها أحد الضباط خالد الاسلامبولي الذي تم إعدامه وسجن من شاركه في تدبير وتنفيذ تلك المؤامرة الدنيئة التي استهدفت رئيس الجمهورية ومن كان معه في "المقصورة". وحسناً فعل الزميل الصحفي الأستاذ إبراهيم عمران عندما أجري حديثاً في "أهرام" الثلاثاء الماضي مع أمير مجلس شوري الجماعة الإسلامية السابق المسئولة عن اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. قدم الزميل عمران لحديثه معرّفاً القاريء بهذا "الأمير" قائلاً: [ في السبعينيات.. تحوّل كرم زهدي من شاب محب للفن ومشاركاً في التمثيل علي مسارح الجامعة، إلي كاره له، وشارك في عمليات الاعتداء علي الفرق الجامعة تحت دعوي تغيير المنكر باليد (..). بعدها بسنوات قليلة أصبح كرم زهدي أميراً لمجلس شوري الجماعة الإسلامية وهو المجلس الذي دبر ونفذ اغتيال بطل الحرب والسلام]. ألقي القبض علي أمير مجلس شوري الجماعة منذ اغتيال السادات عام 1981 وحيث أمضي 22 عاماً ثم أفرج عنه في سبتمبر2003. خلال سجنه .. أطلق كرم زهدي عام 1998 مبادرة وقف العنف ، وقاد عملية مراجعة فكرية وفقهية داخل السجن للتخلي عن العنف وحمل السلاح ورفض الصراع مع الدولة، كما قدم اعتذاراً للشعب المصري عن قتل السادات وعن جميع العمليات الإرهابية التي تبنتها الجماعة الإسلامية وروّعت المجتمع المصري في بداية التسعينيات. في حديثه الطويل مع "الأهرام"، سُئل كرم زهدي عما إذا كان نادماً حقيقة علي اغتيالهم للرئيس الراحل؟ فأجاب أمير الجماعة السابق قائلاً: [ أنا أخطأت أني شاركت في الرأي في قتل السادات. لكن لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لما فعلت ولمنعت هذا الأمر. وها أنا أقول إن قتل السادات كان خطأ كبيرا، وإننا قد أخطأنا بارتكابه. وأنا تحديداً الذي أملك نفسي أدعو الله أن يغفر لي هذا الأمر، وألا يعود إليه شباب المسلمين. لا بقتل الحاكم، ولا بقتل مسلم أو غير مسلم. فالدم عزيز عند الله جدا]. لم يكتف الشيخ كرم زهدي بالاعتراف بالخطأ، وإنما أضاف إليه علي غير المتوقع كلمة حق في الرئيس السادات لم نسمعها من قبل من "أمراء الجماعة و "مرشديها"أو حتي من قياداتها الصغري منها قبل العليا (..). بصراحة أشبه بالاعتراف قال أمير الجماعة الإسلامية السابق الشيخ كرم زهدي : [ إن السادات أعطي في عصره الفرصة كاملة للمسلمين حتي يستعيدوا بحق هذا الدين في الدعوة إلي الله. وكانت أيام زاخرة للدعوة. والرئيس السادات يستحق الشكر عليها]. وأضاف زهدي مشيراً إلي الصراعات التي نسبت فيما بعد بينهم وبين السادات بأنها [كانت فترة مواجهات. ومن قتل في حينه قتل في فتنة بين المسلمين ، واحتسبه عند الله أن يجعله من الشهداء. والآن الكل يتبرأ من العنف ضد أي مصري. والأقباط شركاء لنا في الوطن. لهم مالنا من حقوق، وعليهم ما علينا من واجبات. سبحان الله.. فهذه أول مرة أسمع أحداً من خصوم السادات خاصة من الجماعة التي فكرت، وخططت، ونفذت، اغتياله في ذكري يوم نصره يقول كلمة حق فيه، ويحتسبه عند الله شهيداً (..).