د. سمية سعد الدين يا اللّه.. أنت في الكون كُل شئ.. ونحن اللاشئ.. أنت سبحانك خالق الوجود.. ونحن مجرد موجود.. أنت في السماء المطّلع علي الكُل .. ونحن في الأرض التائهون بين التفاصيل.. أنت عالم كل العلوم والغيوب.. ونحن المرتجلون بحثا عن الحقيقة.. أنت صاحب الدين والدنيا . ونحن الهائمون في سر مغزي الحياة.. أنت القائم علي أمور الكون .. ونحن المعتقدون خطأ أننا مالكون زمام الأمور.. أنت وحدك كاتب أقدارنا.. ونحن المغرورون بأننا نملك إدارة شئوننا.. فياالله.. من نحن منك؟ فنحن كلما تأملنا في ذاتك العظمي.. تضاءل إحساسنا بذاتنا الصُغري.. وكلما تفكرنا في كيانك الإلوهي.. ارتبكنا من عجز كياننا الإنساني.. وكلما زدنا من عبادتنا لك.. زاد خوفنا من تقصيرنا لديك.. وكلما زاد علمنا عنك.. عجزت معرفتنا عن الإحاطة بأبعاد قدرتك.. وكلما أمعنا النظر في معجزاتك.. زاد انبهارنا بإبداعاتك.. وكلما تعمقت معرفتنا بأنفسنا.. تضاعف إيماننا بتفردك.. وكلما انتصرنا علي أنفسنا.. أدركنا حجم تهذيبك لخُلقنا .. وكلما أُعجبنا تميز إنسانيتنا.. تأكدنا من إحكام سيطرتك علي تطويعنا .. وكلما زادت ذنوبنا .. اكتشفنا عظمة غفرانك. وكلما عرفنا سعة رحمتك لنا.. أدركنا الأمل في نجاتنا من عقابك. ولكنّا ياالله.. ومع حيرتنا من أمرنا.. وأملنا في حسن تأمين مصيرنا.. نريد أن نقترب منك أكثر.. وأن نؤمن بك أكثر وأن نعرفك أكثر وأن نطيعك أكثر وأن نرضيك اكثر وأن نحبك أكثر وأن نسلمك أنفسنا أكثر وأن نهتدي لطريقك أكثر وأن نحب رسولك أكثر فهل ياالله.. ياعالم بحالنا ويامدرك لأحوالنا.. من أجل أن تحقق لنا أملنا هذا.. فضّلتنا علي العالمين كرمتنا بشهر الصيام والدين.. هل منحتنا من خلاله الفُرصة الكبري.. والمنحة الفُضلي.. والعطاء اللامحدود للغفران.. والتوبة غير المسبوقة.. والرحمة غير المشروطة.. والعتق غير المحدود؟ هل أهديتنا هذا الشهر الكريم.. لتحُف بنا فيه كل صنوف كرمك وجودك الإلهي وكل نسمات الخير . وكل نفحات الهداية وكل تسبيحات الملائكة وكل ترتيلات المخلوقات وكل شفاعات الأنبياء وكل فتوحات الأولياء هل منتحتنا هذا الشهر كي تمحو عنا أخطاء الأيام.. وعثرات الزمن.. وكي تغفر لنا سيئات الأفعال.. وتمحو عنا سوء الأقوال.. وكي تسمح لنا بفرصة إعادة بناء الذات.. والقدرة علي تجاوز سلوك الانفلات.. والصبر علي حسن العبادات.. ومعرفة الطريق إلي الزهد في الملذات.. ونيل شرف طلب السماحة عن التجاوزات؟ ياالله.. نشكرك إذ بلغتنا غاية الوصول لشهر الكرم.. ولذة السجود والقيام وإحسان الأدب.. وقدرة السمو علي الشهوات والتغلب علي الغضب.. ونرجوك ياالله في شهر الإحسان والأجر واستجابة الطلب.. أن تُمكنا من نيل كل عطايا الشهر الحلال.. ياذا الكرم والجلال.. وأن ترزقنا العفو الجميل.. وأن تبشرنا بالعتق النبيل.. وأن ترزقنا جنة الفردوس بشفاعة رسولنا الفضيل. فياالله تقبل منا.. واسمع عنا.. وكلف ملائكتك بنا.. واقبل شفاعة رسولنا فينا ..وافتح باب جناتك لنا ياالله.. مسك الكلام.. لاتخجل من طمعك في هذا الشهر من كثرة مطالبك من الله.. واشدد رحالك إليه وإلي كل عطاياه.. واطلب منه هو الكريم الأكرم.. مالارأت عين.. ولاسمعت أذن.. ولاطلبت شفاه!