في أوائل القرن التاسع عشر وفي الهند خرجت جماعة متشددة اسلامية سلفية تنادي بتطبيق مبادئ وقواعد وأصول الشريعة الاسلامية تطبيقا كاملا وحرفيا دونما مراعاة للتطورات التي حدثت في العالم كله. وتزعمها إثنان من علماء المسلمين في هذا الزمن البعيد وهما: السيد أحمد البريلوي والشيخ إسماعيل حفيد الامام ولي الله، وتمكنا من إستقطاب اعداد كبيرة من شباب المسلمين الذين أحرقهم الشوق إلي اقامة دولة اسلامية عظيمة وشامخة كما كانت عليه في بداية الاسلام. وأقاما جيشا قويا فتيا للجهاد، وتمكنا من استقطاع جزء من الهند في الشمال الغربي منها وأقاما عليه امارة اسلامية تحكم بما كان يحكم به العظماء الأوائل وأخذا في تطبيق أصول الدين الاسلامي دون مراعاة لفارق الزمن وتطور الحياة،ولكن أهل هذا الزمن لم يتقبلوا الأمر فثاروا وسقطت الدولة السلفية وقتل المؤسسان لها في سنة 1361 ميلادية وانتهت كما ذكر العالم جوستاف لوبون في كتابه »الثورة الفرنسية وفلسفة الثورات«. وقد نشرت تفاصيل ذلك في كتابي »توريث الحكم في الأديان السماوية« والذي صدر عن دار الاحمدي سنة 8002 في عز حكم حسني مبارك. واليوم نسمع من جديد صيحة الاخوان والسلفيين لاقامة دولة اسلامية علي غرار الرواد الأوائل دون مراعاة لتطورات الحياة ومشاكلها ناسية أن لكل جيل كما قال علي بن أبي طالب حياته وتطلعاته وثقافته وأننا لابد وأن نعيش مع العالم الحديث حضارته والتي أسكنته الفضاء الخارجي ونحن مازلنا نعيش في جحور الماضي. نشرت في »الأخبار« يوم 12يناير سنة 1102.