الرئيس التونسى المنصف المرزوقى خلال حديثه كانت الندوة التي عقدها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في قصر القبة مختلفة واستثنائية في كل شيء فهي المرة الأولي التي يحرص فيها مسئول عربي علي هذا المستوي في اللقاء بالمثقفين والمفكرين وأساتذة الجامعات وكبار الإعلاميين كما انها كشفت عن نوعية جديدة من القادة نتاج مرحلة الربيع العربي ومنهم المنصف الذي يعتز بصفته كمثقف أكثر من منصبه كرئيس كما قدم الرئيس التونسي رؤية متكاملة للواقع العربي مؤكدا ان المنطقة تشهد ثورة عربية واحدة وليست ثورات متحدثا عن القوانين الخمس التي تحكم مصير الثورة العربية والتعامل مع توابعها وضع المؤسسة العسگرية والضغوط الخارجية وقوة الفلول مشاگل تواجه ثورة مصر علينا رد الاعتبار للثوار.. والاعتراف لهم بالجميل ..والتعامل معهم باحترام نجاح الثورة المضادة مستحيل .. والفلول في تونس سمموا حياتنا الجماعة السلفية حركة احتجاجية علي المستوي الاجتماعي رغم ظاهرها الديني تحدث الرئيس المنصف المرزوقي في البداية عن ارتباطه بمصر وثقافتها وقال: قرأت لتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وطه حسين والمنفلوطي وعبرهم عشت في ازقة القاهرة واصبحت مصريا بالوكالة وفي الخمسينيات والستينيات كنا لا نسمع الا اذاعة صوت العرب من القاهرة وكان صوت مصر موجودا دائما وابدا بيننا وكل هذا جعل مصر جزءا من هويتي وهويتنا جميعا نحن التونسيين لكل ماقدمت مصر لتونس ولي شخصيا وللوليمة الفاخرة التي قدمتها لعقولنا وقلوبنا علي مر السنين ليس لدي ما يكفي من عبارات الامتنان والمحبة لمصر. وقدم الرئيس رؤية مختلفة تماما لثورات الربيع العربي عندما أشار الي انها ثورة واحدة وقال :أريد أن أتحدث عن الثورة العربية وليس الثورات العربية لان عندما تجد ظاهرة لها نفس الاسباب ونفس الفاعلين ونفس الصعوبات والاهداف فالاختلافات ظاهرية حتي ولو كانت هامة مثل سلمية هذه الثورة من عدم سلميتها تبقي امور ثانوية اريد ان اركز علي اننا امام ثورة عربية واحدة تختلف حسب البلدان في بعض التفاصيل لكنها جوهريا هي ثورة واحدة الثورة العربية نجد انها اولي افرازات الثورة المعلوماتية واول ثورة معاصرة ولا نتصور هذه الثورة العربية دون الفضائيات والانترنت الهاتف الخلوي ،وهذه التكنولوجيا لم تصنع الثورة العربية ولكن لولا هذه الثورة التكنولوجية ربما ظللنا حتي الان نتخبط في الاستبداد. نحن الان امام تجربة تاريخية لأمة من الأمم استوعبت فيها تاريخها وتاريخ الامم الكل والان امامها ثورة متعددة الابعاد وبالغة التعقيد ووقف الرئيس التونسي عند خمس قوانين تتحكم في مستقبل وحاضر الثورة العربية وقال :بضعة قوانين أو أمور عامة تتردد من كل ثورة وثورة يجب علي كل فاعل سياسي ان يعرفها القانون الاول: هو ان لكل ثورة ثمنا واحيانا ثمن باهظ ، ونحن في تونس ليس لدينا الا 300 شهيد وألفا جريح لكن لا تتصوروا تعقيد حل مشكلة الثمن الذي دفعناه وهذا الملف معروض يوميا وهو بالغ الايلام ونتخبط فيه رغم ما يبدو من بساطته لان هذا الثمن الذي دفعناه في الثورة الان يجب دفع المسبق منه هو ضرورة التعامل مع هذه النقطة بالغة التعقيد والصعوبة وبالتالي فاني اشفق علي المسئولين السوريين عندما ياخذون السلطة ويجدون هذا الكم الهائل من الملفات لرد اعتبار شهداء الثورة السورية الذين زاد عددهم عن 15 الف شهيد وايضا الجرحي وهذا سيكون ثمنا باهظا وهناك ايضا الثمن المؤخر وهو الدخول في عملية التصفية والحسابات وهذا ايضا سيفتح بابا من الوبال علي الشعوب العربية . القانون الثاني :هو ان لكل ثورة ثورة مضادة ،وتتحدثون عن الفلول ونحن ايضا ارهقنا وسمموا حياتنا الفلول وهم ينتظروننا في كل لحظة وموجودون في كل مكان في الصحافة والاحزاب ويشتموننا ليل نهار ،لكن هذه الثورة المضادة هي ظاهرة طبيعية لانهم فقدوا فجأة الثورة والسلطة والاعتبار وكل شيء ولا يستطيعون تحمل هذا الفقدان وبالتالي سيفعلون كل مافي وسعهم من اجل استعادة ما فقدوا او علي الاقل لتدفيع الثمن لمن اخذوا منهم هذه اللقمة التي كانت في حلوقهم ،واعتقد ان الثورة العربية يجب ان تعطي خيارا اخر غير ماتم اتباعه في الثورات الاخري من نصب المشانق وقتل من تم الثورة عليهم ،وهو الصبر علي هؤلاء الفلول دون ان يكون لنا ادني وهم حول شراستها وحقدها للثورة ،وهذا لسببين الاول انه لو واجهناها بالعنف الذي تريد ان تجرنا اليه سيزيد هذا من الخسارة ورفع ثمن الثورة بينا المطلوب هو تخفيض ثمنها . السبب الثاني هو لو ان نجاح الثورة المضادة شبه مستحيلة لانها لكي تعود الي سابق عهدها يجب ان تعيد الاساس الذي بنيت عليه وهو الخوف ، وهذا مستحيل لان الثورة الحقيقية هي ما وقعت في القلوب والعقول وما نراه في سوريا هو اصدق مثل علي ان الشعب عندما يهدم الخوف فهو قادر علي كل التضحيات . اقول للفلول في تونس ومصر انكم لو اردتم العودة مرة اخري فانكم ستواجهون هذه المرة بثورة داخل الثورة وهذه ستكون عنيفة ،ولن تجدوا من يعطيكم الفرصة مثلما نفعل الان من كوننا صبرنا عليكم ،فان من سيأتي بعدنا اذا دخلنا في فترة استبدادية اخري فان هؤلاء لن يظهروا نفس الكرم الذي اظهرناه ،اذن الثورة المضادة ليس لها مستقبل في كل الحالات . القانون الثالث: وهو الثورة تأكل اطفالها ،وراينا في كل الثورات ان الثوار هم من ياكل بعضهم البعض وهذا اهم واخطر معني علي الثورة ان من قام بها يدخل في صراع مميت ،لهذا قررنا في تونس منذ البداية ان نقفل هذا الباب علي هذا القانون من تأكل الثورة ابناءها لهذا بنينا تحالفا بين العلمانيين المعتدلين والإسلاميين المعتدلين ، حتي نعزل من يريدون الصدام بين قطبي المجتمع وهو صراع عبسي ويجب الا ننسي ان اهم عدو لنا ليس الصراع مع الاخر وانما هو الفقر ويجب ان نقبل بالتواجد مع بعضنا البعض حتي نستطيع التفرغ لمشاكل الحياه . القانون الرابع :هو ان من قام بالثورة ليس هو من يتمتع بها ،الشباب الذي قام بالثورة يشعر الان بالاحباط والحنق وانه بقي في الميادين والشوارع ويري ان من اخذ المناصب والكراسي ليس من كان في الميادين وهذا امر طبيعي لان من يقوم بالثورة هم الشباب ويقدمون التضحيات لكن لادارة شئون الدولة هناك اشخاص اخري قادرة علي ذلك ،وليس بالضرورة ان الشباب الشجاع الذي كشف صدره للرصاص ان يعطيك القدرة علي تطوير دولة ومجتمع ، والمناطق الفقيرة التي اندلعت منها الثورة في تونس الان لم تر نتائج هذه الثورة لذلك يجب ان يكون الهاجس للسياسي الذي يعرف هذا القانون هو ان يكون في باله رد الاعتبار للثوار والتعامل معهم باحترام والاعتراف لهم بالجميل والذهاب لتلك المناطق الفقيرة التي فجرت الثورة وان تضع الدولة فيها كل امكانياتها حتي يتضح ان الثورة عادلة وليس بالضرورة يقال ان الغنيمة ذهبت ممن ضحي الي من لم يضح. القانون الخامس: هو لابد من وقت طويل لتحقيق مكاسب الثورة هذا ان تحققت ،واريد ان اذكر ان الثورة الفرنسية انطلقت عام 1989 وعرفت انتكاسات متعددة وظلت 70 عاما حتي استطاعت ان يكون لها الجمهورية الحقيقية التي مكنتها من تحقيق اهدافها ،واتمني الا تحتاج الثورة العربية الي 70 سنة لتحقيق اهدافها ،ولكن ليست كل الثورات تحقق اهدافها وليست كلها تحققها في اجل قصير ،وهذا يتطلب منا العزيمة ويجب ان نعلم ان الثورات التي حدثت بفضل دماء الشهداء نحن مؤتمنون عليها لتحقيق اهدافها. واهداف الثورة تتطلب الكثير من الوقت والجهد وليست كما يتصور البعض حدوثها الان ،لان قانون الثورات هو تحقيق الاهداف في وقت طويل وجهد كبير ويواجه صراعات وفي احسن الاحوال تستطيع الثورة ان تحقق جزءاً من اهدافها . وراء كل فكر ثوري هناك حلم الوصول الي ما يسمي بالمدينة الفاضلة ونحن نقول في الثورات "لنخرج من المدينة الفاسدة لنصل الي المدينة الفاضلة والاداة الاساسية للوصول اليها هي الاخلاق لهذا اقول ان اخلقة السياسة والثورة هي جزء لا يتجزأ من العمل الثوري وان فشلنا في "اخلقة السياسة" فلن نتمكن من تجنب القوانين التي تحدثنا عنها . وبدأت الأسئلة والاستفسارات من المشاركين وكانت البداية حول مقارنة بين التحديات التي تواجهه الثورة المصرية ومقارنتها بالتونسية؟ مصر هي حجر الرحاة في هذه الثورة صحيح ان تونس بدأت الثورة لكن نجاح الثورة في مصر هو اهم شيء لانها هي الدولة الكبري والعظمي في المنطقة العربية واعتقد ان وضعكم اصعب بكثير من وضعنا اولا لاننا في تونس ليس لنا الحمل او الهم العالمي لاننا لسنا مباشرين لازمة الشرق الاوسط وبالتالي ليس علينا الضغوطات التي تعانون منها ايضا وضع مصر اصعب لان وضع المؤسسة العسكرية في تونس مختلف تماما عما هو في مصر ايضا مصر تعاني من ثورة مضادة اكبر نسبيا من تونس وبالتالي خشيتي ان مصر قد تواجه صعوبات اكبر مما نواجهها نحن لكن في نفس الوقت اعتقد ان الشعب المصري قد قطع خط الرجعة ولا يمكن ان يعود الي الوراء وبالتالي مهما كانت الصعوبات التي ستواجهونها في تحمل الضغوطات الخارجية ومواجهة الفلول وتحمل ثقل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية فان لدي قناعة شخصية انه مهما كان الوقت فان الثورة المصرية ستنتصر ومرة اخري هو ان اهم شيء في نجاح او فشل الثورات هو العامل النفسي. هل لديكم آلية للتعامل مع ظاهرة الفلول والتي تشكل تحديا علي الثورتين المصرية والتونسية؟ في وقت من الاوقات لم تكن تستطيع ان تعيش في هذا النظام ان لم تساهم بطريقة او باخري في فساده او علي الاقل بالقبول به ،فهل من حقنا ان نذهب بكل الناس التي تعاملت مع النظام ونقول لهم انكم كلكم مجرمون ،فكيف نحاسب مئات الالاف او الملايين ،بالطبع لا ،لذلك الحكمة تقول ان نتعامل مع رؤوس النظام التي تسببت في الفساد الاكبر والاخرون نعيد استيعابهم شيئا فشيئا الي دولة القانون والمؤسسات وبهذا نستطيع ان نقطع جذور الفلول لاننا لو ضربنا كل الناس مع بعض فستكون كتلة من مئات الالاف ان لم يكن الملايين التي ستدافع عن نفسها ضد الثورة ولذلك سنكون قد فشلنا ،نحن نريد استقطاب اكبر عدد ممكن من هؤلاء الناس التي غررت بهم الفلول او اهانتهم عندما جعلتهم يدخلون عالم الفساد ،فنأتي بهم لنقول لهم اننا جئنا لنحررهم من اذلال الفساد ،هذه هي السياسة التي ستمكننا من محاربة الجزء المهيمن والخطير من الفلول الذي لا نستطيع ان نستوعبه مهما فعلنا . هل اتفقتم مع الرئيس محمد مرسي علي دخول العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة قائمة علي المصالح المشتركة كما هو النموذج الأوربي؟ نريد الان ان تكون هناك مصالح مشتركة بين الدول العربية ،فمسألة اننا كلنا عرب ونحب بعضنا وننتمي الي نفس اللغة كل هذه امور جيدة ولكن في النهاية الامور لا تبني فقط علي العواطف وانما تبني علي المصالح وهذا شيء بديهي، فالاوروبيون بعد حروب وقتال جمعت بينهم المصالح من خلال شبكة كهرباء واحدة وشبكة مواصلات واحدة ،وهذا مايجب ان نقوم به الان ،ولم يتم قبل ذلك لان الديكتاتورية كانت تمنع تقارب الشعوب ،واوربا نفسها لم تستطع الوصول الي الاتحاد الاوروبي الا بعد سقوط الديكتاتورية ،وهذا لا يعني اننا سندخل في وحدة اندماجية كما يتصورها البعثيون القوميون ،نحن سنذهب الي اتحاد الشعوب العربية المستقلة الحرة ،مصر ستبقي دولة حرة مستقلة ذات سيادة وتونس ستبقي دولة مستقلة حرة ذات سيادة ،وهذه الدول المستقلة الحرة ستعمل علي فتح فضاء اقتصادي واجتماعي واحد حتي تخرج من الاختناق وتستطيع تنمية اقتصادها كما فعل الاتحاد الاوروبي. وهل تحدثتم حول العلاقات العربية الافريقية وفتح آفاق جديدة لتعاون من جديد مع افريقيا ؟ تحدثت مع الرئيس مرسي حول التعاون العربي الافريقي وهناك اتفاق واضح علي اننا كعرب ادرنا ظهرنا لافريقيا مدة من الزمن ودفعنا نتيجة لذلك ثمنا باهظا واعتقد ان المصريين ربما اول من دفع هذا الثمن من خلال التهديد لمنابع النيل وهذا نتائج سياسات خاطئة التي كانت تتجاهل افريقيا ،والان نحن العرب يجب ان نعود الي افريقيا بكل تواضع واريحية ولسنا كمستعمرين جدد وانما نريد اقامة علاقات شراكة وهناك استعداد في افريقيا للتعاون العربي الافريقي وستكون جريمة كبري ان لم نغتنم تلك الفرصة ونعود الي افريقيا بمنطق وعقلية جديدة. تواجه تونس خطر الجماعات السلفية وهي خارجة عن التحالف الثلاثي الحاكم في تونس هل تملكون آليات للمواجهة؟ فيما يخص الجماعة السلفية في تونس اعتبر انها تشكل مشكلة لكن ليست التي نتصورها ،فالمشكلة التي تطرحها الجماعات السلفية هي انها تذكرنا بدرجة الفقر والجهل الذي تتطور عليه تلك الحركات ،فهي دينية في ظاهرها ولكنها احتجاجية اجتماعية في باطنها ،وبالتالي فان التعامل القمعي او اخراجها من الساحة السياسية والاجتماعية وتجريمها واعتقالها غير صحيح ،اذا تطلب الامن ذلك يجب ان نتعامل معها امنيا لكن في اطار احترام حقوق الانسان حتي لانعود الي تلك الدولة الغول،التي تستخدم الامن القومي لتنتهك حقوق الانسان ،لكن عندما نقضي علي التهميش والفقر والبطالة ستدخل تلك الحركة في التوافق الوطني