د. باسم عادل كانت لي تجربة متفردة في عام 1002 في اصدار كتابي »زعماء علي فراش المرض اسرار لم تنشر من قبل« والذي اهتمت به الاوساط السياسية في مصر والعالم. وخصصت له ادارة مهرجان القاهرة الدولي للكتاب احدي ندواتها الرئيسية »كاتب وكتاب« وطلبت مكتبة الكونجرس الامريكية نسخا من الكتاب لتحتفظ بها في مكتبتها، ولاحقتني وسائل الاعلام الغربية للتحدث عن نظرية تبنيتها في بحثي علي صفحات الكتاب عن العلاقة بين مرض الرئيس واتخاذ القرارات المصيرية في حياة الامم والشعوب، ذلك ان الكتاب تناول ثمانية من رؤساء الدول، والذين يمكن ان يطلق عليهم لقب »الرؤساء التاريخيين« كالرئيس الراحل جمال عبدالناصر والملك حسين عاهل الاردن ومن الولاياتالمتحدةالامريكية الرئيس فرانكلين روزفلت والرئيس رونالد ريجان، ومن روسيا بوريس يلتسين ومن كوبا فيدل كاسترو ومن فرنسا الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران ومن ايران الشاه محمد رضا بهلوي ورغم اهتمام الاوساط السياسية والعالمية بهذا البحث العلمي، فان احدا في مصر والعالم العربي، حيث تعيش الشعوب تحت وطأة الحكم الديكتاتوري، لم يعن بالامر ولم يأخذه مأخذ الجد. فقد اتفق معي قطاع الاخبار باتحاد الاذاعة والتليفزيون علي تحويل الكتاب الي برنامج تحقيقي، وطلبوا مني اعداد حلقة البداية عن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق. اريل شارون، لكن الامر توقف لأسباب خفية، كما عقدت معي قناة الجزيرة الوثائقية عدة لقاءات عن طريق منتج مصري منفذ لانتاج العمل انتاجا ضخما يصور في الاماكن الطبيعية والمصحات التي قضي فيها الرؤساء رحلات علاجهم، لكن الامر عاد ليتوقف قبل التنفيذ بأيام، خوفا من غضب بعض الزعماء العرب الذين غرقوا في براثن المرض ويقودون شعوبهم بعقول مريضة وقلوب مهددة بالتوقف، وأجساد متآكلة بالسرطان. واثناء الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة في مصر، بدأ بعضهم وهو يقلل من شأن الامراض التي يعاني منها، فأحدهم قال انه مصاب بمرض السكر، وهو مرض تقليدي في مصر مصاب به معظم مواطني مصر، وقد تناسي هذا المرشح ان جمال عبدالناصر لم يكن في أواخر ايامه يستطيع الوقوف علي قدميه بسبب اصابته بمرض السكر وما نتج عنه من انسدادات في الأوعية الدموية الطرفية، بالاضافة الي نوبات احتشاء القلب التي كانت تعاوده من حين لآخر. اما الرئيس الامريكي الراحل رونالد ريجان، فقد كانت الفترة من بداية الثمانينيات وحتي نهاية حكمه هي الفترة التي شهد فيها صراعا كبيرا مع المرض والتي تعرض فيها لسرطان القولون، ويمكن القول بأنه عاني من بعض الاعراض المصاحبة لمرض السرطان والتي تعرف بPara neoplastic Features، حيث يقوم العضو المتأثر بالسرطان بإفراز بعض نفاياته التي عادة ما تكون عبارة عن هرمونات ذات تركيب كيميائي متعدد POLYPEPTIDE HORMONES والتي تقوم بدورها بالتأثير علي بعض الوظائف الاساسية لأعضاء واجهزة الجسم ومن ضمنها الجهاز العصبي للانسان، وقد يتسبب عن ذلك حالات من الضعف والوهن العضلي وضمور بخلايا المخ والذي يمكن ان ينتج عنه تغيير في سلوك الانسان وعاداته، فيصبح في بعض الاحيان قاسيا وصلدا وعنيفا ومتبلدا وعنيدا، وهو ما يتيح لنا الفرصة لتفسير جزء من سياسات ريجان التي كانت قائمة في حد ذاتها علي العناد والمناطحة وتحقيق الاهداف مهما كانت النتائج والتضحيات. كما يمكن لهذه الهرمونات السرطانية ان تحض الغدة الدرقية علي افراز هرموناتها الثيروكسين، والتراي ايودوثيرونين بصورة غير طبيعية من وقت لآخر، وهو ما قد يجعل الانسان في حالة من العصبية والضيق والنفور والتي تدفعه الي اتخاذ قرارات عنيفة مثل التي اتخذها رونالد ريجان تجاه المذابح الشيوعية في امريكا اللاتينية، ورغم ان ريجان كان يتشدق بالرحمة تجاه الشاب جون هينكلي الذي حاول اغتياله الا انه لم يعفو عنه، خاصة ان هناك شكا قويا في سلامة القوي العقلية لهذا الشاب. أقول هذا حتي يتبين اعضاء تأسيسية الدستور انه من الضروري عند وضع شروط الترشح للرئاسة في الدستور الجديد، ان يتنبهوا لأهمية شرط سلامة الحالة الصحية للرئيس المرشح، بالاضافة الي ضرورة ان يخضع هذا الرئيس للكشف الطبي الدوري والرسمي كل عام لبيان المستجدات في حالته الصحية، وحتي لا يقع الشعب المصري تحت حكم رئيس مريض، يصبح كالأعمي في اتخاذ قراراته، فما يلبث ان يقع الشعب والوطن والامة بأسرها في حفرة عميقة لا خروج منها.