ليس كل الدعاة أعداء للإبداع: أدباً، وفناً، ورأياً. فالتعميم هنا لا يصح. فإذا كان الإعلام يركز فقط علي تصريحات الدعاة المتشددين الذين يحرّمون الفنون والآداب، فياليته أي الإعلام يجمع عبر وسائله المتعددة بين المحرمين المكفرين وبين المحللين والعالمين بسماحة الدين الإسلامي. الصحيفة الكويتية واسعة الانتشار "الراي" نشرت حواراً أجرته مراسلتها في القاهرة الزميلة سمر فتحي مع الداعية السلفي الوسطي الدكتور أسامة القوصي. قدمت الزميلة سمر فتحي لحوارها بعناوين لافتة للنظر ومثيرة للفضول من بينها: [قال الداعية السلفي المثير للجدل، وطبيب النساء والتوليد المصري الدكتور أسامة القوصي إن السينما المصرية لا تهدف الي الجنس والعري، خصوصا أن هناك أعمالا مثل فيلم "عمر المختار" و فيلم "الرسالة" أفضل من خطب "كشك" و "محمد حسان"]. وعندما سألت سمر فتحي مندوبة صحيفة "الراي" الكويتية الدكتور أسامة القوصي عن مفهومه للحرية والإبداع في الفن؟ أجاب الداعية الإسلامي الذي كان سلفياً متطرفاً، وصهراً لخالد الإسلامبولي، قاتل الرئيس السادات، ثم تخلي عن تشدده وأصبح وسطياً متسامحاً قائلاً: [أري أن احترام الآخر هو احترام للحياة أيضا. ولأن الدنيا بها العديد من الأخطاء، فأيضا بها العديد من الصواب. وهذا ما أراه في المجال الفني. فمثلما توجد أعمال محترمة يحترم فيها المبدعون ما يقدمونه من فكر وهدف وسياق محترم، أيضا هناك من يتخذ الفن "سبوبة" تجارية الهدف منها الربح ليس الا وهو انتاج أفلام جنسية بحتة قائمة علي مشاهد وليس موضوعا]. وذكرته المحاورة الصحفية بتصريح سابق له يري فيه أن مشاهد الرقص ليست جميعها حراما؟ وسألته تفسيراً لهذا الرأي الذي أثار جدلاً آنذاك ومايزال، فرد د. القوصي : [ أريد أن أوضح أمرا مهما هو أن الاستعانة بمشاهد الرقص في الأعمال الدرامية ليست حراما، لأن المخرج لم يأت بمحجبة ويجعلها ترتدي بذلة رقص، فهو يستعين براقصة هي في الواقع كذلك. وهناك العديد من الأعمال الدرامية والفنية المحترمة والراقية التي تظهر فيها بعض المشاهد في غرف النوم وغيرها، وليس معني ذلك أن أبطال العمل يمارسون الجنس، فإذا تم تفسير التلامس بين جسد المرأة والرجل علي أنه جنس فهذا تفكير متخلف]. ولسماع المزيد من تصريحات الداعية المثير للجدل سألته الصحفية هل يسمح لابنته بمشاهدة هذه الأفلام؟ أجاب عن السؤال متسائلاً بدوره: [.. و لماذا أحجر عليها اذا كان من الممكن أن تفعل هذا الشيء من ورائي؟ نعم .. أنا أفضل أن تفعل هذا أمامي دون استحياء مني]. ولم تتردد الزميلة سمر فتحي في طرح أسئلة يراها كثيرون صادمة، وشخصية، مثل سؤالها للداعية الإسلامي هل من الممكن أن يسمح لابنته بالتمثيل أو الرقص؟ فأجاب د. القوصي بأنه لا يجبر أبناءه علي شيء. فإذا كان لديها الموهبة فهو لا يمانع (..). ومن الحرية الشخصية والتمثيل غير المسف، انتقل الحوار إلي الشواطئ، وهل يقبل الداعية الإسلامي الجلوس أمام حمام سباحة وهناك نساء، فأجاب قائلاً: [أنا بعادتي لا أحب حمامات السباحة ولا أفضل النزول في البحر وهو مليء بالنساء]. كان هذا تلخيصاً لما جاء في حوار صحيفة "الراي". وعندما رجعت إلي تعليقات القراء علي موقع الصحيفة لاحظت كثرة المعارضين لآراء الدكتور القوصي وندرة المؤيدين لها. وفيما يلي ما كتبه قارئان كويتيان :الأول معارض متشدد ، والثاني مؤيد متسامح. تحت عنوان "اتق الله يا مسيلمة" كتب القارئ " بو خالد": [بصراحة الراجل مقصرش... حلل كل الحرام ان شاء الله ستحشر مع من انت منهم وهم المنافقون. والله لو كنت ولي الامر لامرت بقطع لسانك حتي تكون عبرة لمن تسول له نفسه ان يحلل ما حرمه الله. واقول للأخت سمر: ليست مهنة الصحافة هي نقل البدع وأخذ الفتوي من المختلين عقليا]. الرسالة الثانية بعنوان "العلمانية هي الحل" من القارئ " خالد الكويتي" جاء فيها رداً علي تعليقات المتشددين الشتامين: [هؤلاء أصحاب اللحي الزائفة والمتأسلمين وفضائحهم! يأخذون الدين ستارا وكله من اجل المال والشهرة والنفوذ! وكذلك اصحاب الإسلام السياسي في البرلمان عندنا في الكويت فهم لا يؤمنون بالديموقراطية اساسا ولكن يأخذونها عشان يلمون فلوس ومصالح ومناقصات من تحت ل تحت وشهرة ونفاق].