نوال مصطفى مثل كل الأفكار الجميلة التي نتفنن في إفسادها وتشويهها جعلنا من ديوان المظالم ساحة للفوضي والعبث! ، الفكرة في جوهرها جيدة لكن في تطبيقها سيئة وعشوائية إلي أبعد حد ، وتحتاج إلي أن تكون أكثر عصرية وراحة لمن يقدم تظلمه وللمسئول الذي يستقبل هذه الشكوي أيضاً ، ثم الذي سيكون مسئولاً عن بحثها. في اليوم الأول لتنفيذ هذه الفكرة تزاحم المواطنون أمام قصر عابدين وعمت الفوضي وعدم النظام، والذي يحبط الجميع أن هذه الفكرة أساسها هو النظام وأن يكون للمطالب الفئوية باب للشكوي بدلاً من التظاهر وقطع الطرق، فإذا بنا نحول الفكرة التي يجب أن تقضي علي الفوضي ل"فوضي" وكأنها اصبحت إدمانا يجري في عروقنا. الغريب أن الدكتور مرسي الرئيس المنتخب وصاحب الفكرة لم يستخدم في تنفيذها الوسائل الحديثة من "الانترنت" أو استحداث قاعدة بيانات لهذه الشكاوي تقسمها حسب نوعيتها ومجالها بل ترك الأمر لمجموعة موظفين يتلقون أوراقاً من مواطنين غاضبين لأنهم يريدون أن تحل مشاكلهم الآن وليس بعد ساعة واحدة. المفترض أن تكون هناك فروع بالمحافظات المختلفة لديوان المظالم وأن يكون كل فرع مربوطاً بقاعدة البيانات الرئيسية ويسمح للشاكي التقدم بشكواه عن طريق البريد الإليكتروني أو العادي أو المسجل ، وبهذا يخفف العبء والوقت والعذاب علي كل من الشاكي والموظف الذي يواجه يومياً طوفانا من البشر الغاضب الذي نفد صبره. أما أن نسمع أن ديوان المظالم بقصر عابدين اضطر لمد ساعات العمل حتي الرابعة إلا الربع وعلي الرغم من هذا غضب المواطنون وحدث نوع من الفوضي واضطر الأمن إلي توزيع زجاجات مياه باردة لتهدئة المتظلمين فهذا لا يمكن أن يوصف إلا بالعبث "المقنن" وعدم الرغبة في تنظيم المسألة بشكل يؤدي إلي راحة المواطنين والبت في مشاكلهم بصورة علمية وتنظيمية حقيقية تحفظ للشاكي والمشكو فيه حقهما في العدالة. الطريقة التي تمت بها سير الأمور أعطت للناس انطباعاً أن هذا الديوان هدفه تهدئة الناس علي طريقة "جبر الخواطر" وأن تلك الشكاوي لن تجد طريقها إلي الحل خاصة أن معظمها شكاوي شخصية أو مطالب فردية لا يمكن لأي رئيس أو جهاز حكومي حتي لو جاء من السماء أن يحلها جميعاً وأن يرضي ملايين المظلومين في غمضة عين. أتمني أن يصحح الدكتور محمد مرسي فوراً هذا الأسلوب الذي لن يؤدي إلي أي نتيجة إيجابية وأن يعلن توقف العمل لبضعة أيام في هذا الديوان المهم حتي يتم إعداد خطة عمل مدروسة وفعالة تعتمد علي سهولة التواصل بينه وبين الجماهير وتبتعد عن المركزية المقيتة التي عفي عليها الزمن في كل الأنظمة السياسية الحديثة. أما المواطنون فعليهم واجبات تجاه هذا الوطن وأهمها أن يعرف كل مواطن واجباته كما يطالب بحقوقه، فليس معقولاً أن نهدر المزيد من الوقت والجهد في الوقوف في الشوارع دون انتاج أو تطوير لأدائنا. المواطن في أي بلد متقدم يقوم بواجباته أولاً ثم يطالب بحقوقه، أما عندنا فالعكس هو الصحيح بكل أسف. وهذا لا يمكن أن يبني دولة رسمت حلمها وخاضت ثورة كبيرة من أجل التغيير. التغيير يجب أن يبدأ بالانسان وإذا كنا نؤمن بما جاء في القرآن الكريم فلابد أن نتذكر الآية الكريمة "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" »الرعد -11« لذلك أري أن نهدأ قليلاً وأن يراجع كل منا نفسه قبل أن يطالب بحقوقه أو ما يظن أنها حقوقه ، وليسأل كل منا نفسه هل أدي ما عليه تجاه هذا الوطن الغالي وعندما يجيب عن سؤاله بنفسه بكل صدق سينصلح حال هذا الوطن. أيها المصريون اتقوا الله في مصر.. وحافظوا علي النظام والاستقرار في هذا الوطن.