في لجان انتخابات الإعادة نظرت حولي فإذا صور من الخوف والرعب من المستقبل يسري في قلوب المصريين وعقولهم ويوسم وجوههم المتعبة والمرهقة والمثقلة بهموم الدنيا ومشاكلها وهم يتابعون بعض المجموعات والتي تتحرك في جرأة غريبة داخل لجنة الانتخابات تهدد وتتوعد كل من لن ينتخب مرشحها للرئاسة. وكانت تعلن اسمه في تحد غريب قبل أن تبدأ عملية الانتخابات، وقبل أن يدخل الناخبون إلي الصناديق ونبت الذعر والخوف في القلوب وهي تتابع تحركاتهم وحركاتهم وتهديداتهم الصريحة دون خوف من أحد. وكنت برفقة صديق مسيحي أعرفه من أيام المدرسة والكلية والحياة، وكان يرقب تحركاتهم في خوف، ثم قال في حزن شديد: الاولاد عندهم حق.. سألته: أولاد من؟! قال يجتر الكلمات: أولادي!!.. انهم يسعون الآن إلي الهجرة إلي كندا ليلحقوا بأقاربهم الذين سبقوهم إليها، خاصة أن أحدهما طبيب والثانية مهندسة معمارية، وهي فئات مطلوبة هناك لبناء كنداالجديدة. كانت حبات الدموع قد انفرطت من عينيه، وحاول أن يداري ذلك لكنه لم يستطع.. وكانت العيون الأخري مثله ترقب تحركات الجماعات الدينية وتستمع إلي قولهم بأنهم ناجحون.. ناجحون مهما حدث، وكأنه أمر قد قدر، واستقر وأصبح واقعا غير قابل للتغيير. وكانت بهم جرأة غريبة وكأنهم ملكوا زمام الحكم ودانت لهم كل أقاليم مصر العليا والسفلي.. ومن كلماتهم وحركاتهم كان المستقبل يبدو مجهولا يحيط به الغموض المخيف. سألت صديقي: هل ضاعت منا مصر؟.. أم نحن ضعنا منها؟ نتيجة عدم مشاركة أكثر من 21 مليون مواطن في الانتخابات؟.