في صمت تام يقترب من السرية المدهشة، رحل الأسبوع الماضي في أحد المستشفيات في باريس، المفكر الكبير انور عبد الملك (88 عاما). لم يصل الخبر الا بعد 5 أيام من الرحيل، لينشر في الجرائد دون حفاوة واجبة، فلا أحد مشغول بأحد، الكوارث والارتباكات تتوالي تباعا، ومعضلة الرئاسة، ونتائج انتخابات الإعادة، ومن قبل معضلة الاختيار بين مرشحين للرئاسة كلاهما مر، كل تلك الأحداث السياسية الساخنة تأكل يومنا وحياتنا، وحين يسقط منا مفكر بحجم أنور عبد الملك، نكتشف أننا نسينا ،وأن ما نخسره كثير وكبير.. د. أنور عبد الملك ليس مفكرا عاديا ولكنه أحد اهم المفكرين الذين عملوا علي تطوير الماركسية،وتمصير الحركة اليسارية المصرية، وهو صاحب اصطلاح (المدرسة المصرية في الماركسية) انشغل بمفهوم الدولة الوطنية من خلال العديد من الكتب، خاصة كتابيه (مصر مجتمع يبنيه العسكريون)، (نهضة مصر-المجتمع المصري الحديث) وفيهما تحمس لمشروع محمد علي ،ومشروع عبد الناصر، ولكل الأفكار التنويرية، فنظر الي الشيخ محمد عبده، ورفاعة الطهطاوي، ولطفي السيد، وطه حسين، باعتبارهم بناة الدولة، وليس فقط كتابا أو مفكرين.. رفض د. عبدالملك دعاوي العولمة، والانفتاح علي الغرب، علي العكس، كان طريق الحرير، والانفتاح علي الشرق هو أحد أهم دعواته.. وكان كتابه (الوطنية هي الحل) ليس مجرد كتاب أكد خلالة د. عبد الملك أهمية الهوية والخصوصية، ودور المثقف في تحرير مجتمعه، ولكن تحول الي شعار وخارطة طريق لمصر كلها، أوصي بها المفكر الكبير بعد ثورة يناير.