أكتب هذا المقال قبل 42 ساعة من صدور قرار المحكمة الدستورية العليا في قانوني »العزل السياسي« و»الانتخابات البرلمانية« وبناء علي هذا الحكم سيتحدد مصير مصر السياسي، هل سيخرج شفيق إذا حكم بدستورية »العزل« وبالتالي تعاد الانتخابات الرئاسية بين 21 مرشحاً ونلعب من الأول؟. هل سيحل البرلمان كلياً أو جزئياً وتعاد أيضاً الانتخابات البرلمانية بناء علي قرار المحكمة؟ إجابة كلا السؤالين وأياً كان قرار المحكمة فالنتيجة واحدة وهي أن مصر ستدخل امتحاناً أصعب من امتحان الثانوية العامة الذي يجري حالياً في مصر وسط حالات غش جماعي غير مسبوقة بفعل التكنولوجيا والبلاك بيري والمسألة هنا وهناك واحدة.. حدث غش جماعي متعمد في الثانوية العامة مادة اللغة الانجليزية باعتراف السيد وزير التعليم وأيضاً حدث غش جماعي في إرادة الأمة المصرية باعتراف النخبة السياسية.. حدث الغش وغسيل المخ والوعي الزائف منذ الاستفتاء علي الإعلان الدستوري في مارس العام الماضي، وهذه كانت أول قطرة في طوفان تزييف الوعي والضحك علي الشعب.. شارك الجميع في هذا التزييف، الإخوان والسلفيون قادوا العملية والنخبة والمثقفون وشباب الثوار انطلت عليهم اللعبة وأخذوا أخذاً وبهتوا بالنتائج وعندما أفاقوا وجدوا البرلمان بغرفتيه ثمرة دانية في أيدي تيار الاسلام السياسي الذي تصور أن مصر نفسها هي التفاحة التي سقطت بين أيديهم وتعاملوا علي هذا الأساس في كل المناحي والتوجهات وعلي مدي 81 شهراً وصلوا لما أسموه مرحلة »التمكين« والتي أصابتهم بغرور والعياذ بالله أعمي أبصارهم فأرادوا خطف دستور مصر عبر برلمان الأغلبية الكاذبة، أغلبية الترهيب بالمنابر أو الترغيب بالعطايا مادية وعينية، وبهذه المناسبة حكي لي صديق يقطن في قرية تابعة لمحافظة الغربية انه منذ أيام دخل قريته ليلاً فوجد الكهرباء مقطوعة وأثناء سيره بسيارته وجد سيارات نصف نقل عليها صور مرسي توزع الأرز والبطاطس والسكر والزيت علي بيوت القرية، ومع السلع صور المرشح الرئاسي، وعندما سأل سائق السيارة عن حكاية قطع الكهرباء قال له هم يتفقون مع المسئول عن الكهرباء أن يقطعها قبل دخولهم القرية حتي لا يلحظ أحد وجودهم ولا يتم تصويرهم بأي صورة. حكي لي صديقي القصة وقال: أنا تعمدت الانتظار حتي خرجوا وعادت الكهرباء ومشيت وراءهم للقرية المجاورة فوجدت أن الكهرباء هناك تم قطعها قبل دخولهم. فقلت له: طيب بيعملوا خير اهم وبيوزعوا علي الغلابة. وهنا كل واحد حر يعطي للمرشح الذي يريده، ألم يفت المرشح الرئاسي السابق الدكتور محمد سليم العوا قائلاً لفقراء مصر »خذوا الرشوة واعطوا صوتكم للي انتو عاوزينه«.. وهنا قال لي صديقي الذي قرر ألا يعطي صوته لأحد: دي مهزلة، الاخوان خدوا كل حاجة وبيعتبروا كرسي الرئاسة قضية حياة أو موت، لذلك أنا سأقود حملة لمقاطعة الانتخابات. تركته غير مقتنع بكلامه وعدت أتصفح مانشيتات صحف أمس حول تأسيسية الدستور فوجدت رموز التيارات المدنية والليبرالية قد انسحبوا اعتراضاً علي تعمد الاخوان والسلفيين السيطرة مرة أخري علي التأسيسية. وبالورقة والقلم والاسم والشخص ستكون لهم الغلبة في حوالي 06٪ أو 07٪ من أعضاء اللجنة، وحذر الدكتور وحيد عبدالمجيد المنسق العام بين القوي السياسية والذي بذل جهداً خارقاً لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر وتحقيق المأسوف علي أمرهم فكرة التوافق وهي كلمة ساءت سمعتها في الآونة الأخيرة وتلطخت وركبها العار ولا عار فتاة طوخ مع السلفي البرلماني الشيخ ونيس. الآن انسحبت القوي المدنية وأعلنت فشل التوافق وانسحب نائب الدستورية مع 65 حزباً وتياراً ليبرالياً ومدنياً، إذن ما الحل؟ هل الاخوان والسلفيون الذين خرجوا ليسخروا من المنسحبين مستريحو الضمير الآن؟ هل سينامون قريري الأعين، هل فعلاً دستور المرشد جاهز وسيخرج من أدراج مكتبه بالمقطم، الآن حسين إبراهيم زعيم الأغلبية البرلمانية الاخوانية قال إن 09٪ من الدستور جاهز عندهم يعني فعلاً الكلام صحيح، يعني الموجودين ليسوا إلا »محللين« لدستور الاخوان والسلفيين.. وبالتالي فهذا حكم مسبق علي شرعية اللجنة والدستور بالفشل.. عموماً حكم اليوم في العزل والانتخابات نتائجه ستكون امتحاناً حقيقياً لثورة يناير والمصريين، أما ما سيحدث بعد انتخابات جولة الإعادة فهو محنة حقيقية، محنة للجميع، فهل نحن مستعدون لعبورها أم ستأخذنا دوامتها لسنوات، استعدوا وادعوا المولي عز وجل أن يلطف بنا وبهذا الوطن.. المصريون احتملوا كثيراً والإحباط العام بفتك بالجميع فاحذروا ثورة أخري لا تبقي ولا تذر.. وربنا يستر.