أ.د. فكرى حسن بدأت شخصيات عامة - منهم من ساهموا بدور فعال في ثورة يناير 1102 - بتأييد مرشح الاخوان »مرسي« لرئاسة الجمهورية ولكنه دائما تأييد مشروط، ويعكس التأييد من ناحية كراهية مطلقة للخيار الثاني والذي شبهه البعض بالمرض الذي يمكن التعافي منه. ولكننا نتوقع ان يقضي مرشح الاخوان علي كل آمال الامة والشعب الثورة في غضون شهورمن تولي الجماعة امور الدولة والحكم، ولن يقف في سبيلهم شيء لانهم سيحكمون قبضتهم علي الرئاسة والحكومة التي سيجنيها الرئيس الاخواني بمباركة مجلسي الشعب والشوري اللذين يتحكم فيهما حاليا التيار المحسوب علي الاسلام، وبذلك سيتم لهم السيطرة الكاملة علي جميع اجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية ولن يسلم من قبضتهم نظام القضاء، وسيقومون بصياغة الدستور ليضمن لهم الاستمرار في الحكومة بصورة مطلقة. ولن يثنيهم شيء عن حل الاحزاب والمنادة بالقرآن دستوراً كما نادي بذلك مؤسس الجماعة حسن البنا كما انهم سيقومون بترهيب وتهديد وملاحقة كل من سيعترض علي سياستهم عن طريق قوانين مشبوهة سيصوغونها علي هواهم، خاصة للتحكم في الاعلام، وعن طريق تنظيمهم العسكري المسلح الذي سيقوم بدوره في الاغتيالات ليشمل مخططهم التصفية المعنوية والجسدية لمعارضيهم كما فعلوا من قبل، كما انهم سيقومون باعادة هيكلة الازهر لتتحكم فيه الجماعة. وسيؤدي هذا إلي انتفاضات واضطرابات عميقة حتي داخل فصائل التيار المتمسح بالاسلام وسيقابل ذلك بالعنف المنظم والقمع مما قد يؤدي إلي حرب اهلية بين المذاهب، كما كان الحال في صدر الاسلام. وسيلجأ الاخوان ايضا لكسب التعاطف واثارة المشاعر القومية والدينية بتصعيد الخطاب السياسي المعادي لامريكا وإسرائيل في الوقت الذي نحتاج فيه اولا دعم الامان والاستقرار وجذب الاستثمارات وتنمية الاقتصاد، وتأهيل جيل جديد ليمارس حقوقه السياسية وليتمتع بالكرامة الانسانية وليجني حصاد العدالة الاجتماعية.. ولن يشجع وينشط السياحة وصول الاخوان الي سدة الحكم وممارساتهم الشمولية وولعهم بمراقبة سلوكيات افراد المجتمع والتغلغل في الخصوصيات والتعدي علي الحرية الشخصية، مما سيؤدي مع كل العوامل الاخري، الي خراب اقتصادي شامل، خاصة وقد وصلنا الي وضع اقتصادي محزن مقلق، وهو المناخ الذي يمكن ان يفرز بالاضافة إلي الفاشية الدينية فاشية اخري سياسية او عسكرية.. ومن الاوهام ان نتوقع ان ينصح الاخوان مرشحهم بالتنازل عن الرئاسة وهم قاب قوسين او ادني من الظفر بالجائزة الكبري التي ستسمح لهم بتحقيق مشروعهم السياسي للسيطرة علي السلطة في الوقت الذي يستشعرون فيه ان هذه آخر فرصة لهم، خاصة وقد بدأ الشعب في تفهم مخططاتهم، واهمها ان الاسلام بالنسبة لهم ليس سوي وسيلة للوصول علي الحكم أو السلطة، وانهم ليسوا دعاة للمعروف ولكن مصدر للفتنة والاقتتال ومروجون للاكاذيب مادامت في مصلحتهم وان الشعب ليس »رعية« بمعني قطيع يقوم المرشح - المصطفي، المعصوم الذي يدينون له بالطاعة - قيادته وتسييسه فهو سائر للامام يمسك بعنان السلطة ويلويها حسب مصالحه ومصالح الجماعة. وكيف يتوقع البعض ان يقوموا بتشكيل حكومة انقاذ ائتلافية حتي لو وعدوا بذلك وهم أول من ينسحب من الائتلافات اذا ما لم توافق هواهم. مشهورون بالمراوغة، وهم يحنثون في وعودهم وهم يجدون دائما الاعذار لتبرير مواقفهم واكاذيبهم. وكيف نتوقع ان يعينوا لهذه الحكومة، شخصيات مصرية وطنية غير محسوبة عليهم وهم من لم يسمح لمثل هذه الشخصيات أن تضم إلي اللجنة التأسيسية للدستور!وكيف نتوقع ان تشمل هذه الحكومة نساء أكفاء والنساء عندهم للمتعة والانجاب ورعاية العائلة ومساندة الرجال علي عكس ما ينادي به الاسلام الصحيح.. وكيف نتوقع منهم تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور لتمثل كل اطياف الشعب المصري وهو ما يناقض كلية مشروعهم السياسي الذي لا يعترف إلا بقدسية وعلو وعصمة افكارهم وان راية الاسلام - حسب تأويلهم وبالطبع تحت سلطتهم - يجب ان تسود البشر، مع البدء كما صرحوا بالامارة، ثم الخلافة، ثم استاذية العالم! وكيف تتفق افكار الائتلاف والاصطفاف مع فكرهم الشمولي، إلا اذا كان الاصطفاف خلف امامتهم، والائتلاف كسبيل اللشمولية الاحادية لا للتعددية والترحيب بالاختلاف، فهم لا يعترفون بأن الاختلاف رحمة ولا يحيدون عن التأكيد علي حقهم الذي انتزعوه لانفسهم في التحدث باسم الاسلام وتسفيه، بل وتكفير كل من يخالفهم في الرأي، وهو كما نعرف تاريخيا ومن خلال ما تم في العام الماضي، سبيل إلي الفتنة ومدعاة إلي الفرقة والتناحر. وكيف ندعوهم إلي الابتعاد عن الاستقطاب الديني - وهي دعوة بلهاء- لان الاستقطاب الديني هو أساس شرعية وجودهم. ان الذين ينادون بدعم مرشح الاخوان بالشروط التي يضعونها لا يدعمون إلا الامال التي لن يحققها الاخوان لان الشروط، كتلك التي نادي بها وائل غنيم وغيره، تعني نهاية كل ما يجعل منهم إخوانا، وبالتالي فكل من يدعمونهم من هذا المنطلق واهمون وهم بذلك للاسف يضللون الرأي العام ويقودونه الي التهلكة وإلي التنكر لكل مباديء الثورة، والتي استلب الاخوان منها شعاراتها بدون ان يغيروا من سياساتهم وبدون ان يتنازلوا لاحد عن المكاسب التي توصلوا اليها عن طريق الثورة. ومن الخطأ الفادح ان يتصور البعض ان الاخوان سيقدمون اي »تنازلات« لمصلحة الوطن واستقراره، لان عقيدتهم لا تضع الوطن في المحل الاول فولاؤهم اولا للامة الاسلامية كوسيلة ليصبحوا امراء وخلفاء علي المسلمين اينما كانوا - ولم تخل تصريحات بعض قادتهم في الماضي من ذلك - وهم لا يؤمنون بأن الشعب المصري مصدر السلطات، لانهم علي قناعة كاملة ان تفسيرهم وتأويلهم للشريعة هو مصدر السلطات وان مهمتهم هي إرشاد الشعب - القطيع الضال الي الصواب، والله المنجي.