أحمد جلال المقدمة الطويلة التي سردها المستشار أحمد رفعت قبل أن ينطق بالأحكام علي مبارك وأعوانه، والنقد الشديد الذي وجهه لنظام المخلوع طوال ثلاثين عاما جعلتني أشفق علي المتهمين من هول ما ينتظرهم من أحكام.. إلا أن البراءة التي حصل عليها جمال وعلاء وكل مساعدي وزير داخلية مبارك، فتحت الباب لأسئلة ليس لها إجابات، وألغاز تستعصي علي الفهم؟! أولا: الكل يعلم جيدا أن الحكم عنوان الحقيقة، ولكن عندما تكون هذه الحقيقة واضحة جلية أمام هيئة المحكمة، فلا النيابة قدمت ما يدين من حصلوا علي البراءة ولا المحكمة طلبت ما يفيد إدانتهم، وبالتالي كان الحكم بالبراءة.. إلا أن الغريب أن يحكم علي مبارك والعادلي بالمؤبد لعدم إصدارهما أوامر بوقف قتل الثوار، وبديهي أنه إذا صدرت هذه الأوامر فإنها ستكون لمساعدي الوزير الذين حصلوا علي البراءة، فلماذا إذا تم الحكم علي مبارك ووزير داخليته؟! ثانيا: البراءة التي حصل عليها مبارك وولداه وحسين سالم، منحت كل من يريد نهب مصر وسرقة ثرواتها صك الأمان أن يفعل ما يريد، المهم أن يحاكم بعد انقضاء الفترة القانونية وسيحصل علي البراءة حتي لو سرق مصر كلها، والطريف أننا منذ عام ونصف العام ونحن نسمع عن استرداد أموال مبارك المهربة، ولكن بعد أن قالت المحكمة إنه كان موظف غلبان وشريف فإننا لن نسترد جنيها واحدا من مليارات مبارك واسرته في بنوك العالم! ثالثا: رغم أنني لست قانونيا ، إلا أن العقل يقول إن قضية بحجم وضخامة قتل المتظاهرين لا يمكن أن تضم اليها أي قضايا أخري أمام نفس المحكمة، ولكن لأننا لا نريد أن نزعج مبارك فقد تم دمج كل القضايا أمام هيئة واحدة، وهو منطق غريب وغير مفهوم! ورغم كل الانتقادات التي توجه للحكم ، إلا أن الحرية التي نبتغيها والديمقراطية التي نسعي إليها ، تفرضان علي الجميع احترام أحكام القضاء حتي لو لم تكن علي هوانا ، أما قضاة التحرير فأنا أقول لهم : ما يحكمش!