مرت ذكري نكبة فلسطين أمس في هدوء تام.. يبدو أنها لم تعد نكبة بعد ما رأيناه بعدها من نكبات حقيقية. مرت ونحن في هم وغم مما نراه علي أرض فلسطين.. ونحن في هم وغم أكبر مما نراه علي أرض مصر. النكبة تعبير اطلقته الصحافة علي اعلان إسرائيل انشاء دولتها علي أرض فلسطين في 51 مايو 8491.. تلاها تعبير آخر هو »النكسة« والتي اطلقها هيكل لتجميل هزيمة 7691. عشنا النكبة وتجرعنا مرارة النكسة ومازلنا نحلم بأن نشعر بالنكهة.. نهكة الحياة بطعم السعادة. أما في اليوم الخامس من النكسة.. أي يوم 9 يونيو 7691.. أعلن جمال عبدالناصر تنحيه عن السلطة وعودته إلي صفوف الشعب.. ادراكا منه بسوء ادارته للموقف وتحمله جميع المسئوليات في المغامرة التي أفقدتنا سيناء وأشياء اخري كثيرة أهمها الكرامة. يومها اختار عبدالناصر رفيق نضاله زكريا محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة ووزير أكثر من وزارة أهمها الداخلية رغم كونه ضابطا بالقوات المسلحة.. ورئيسا للوزارة وقت أكبر أزمة تموينية تشهدها مصر ثم نائبا لرئيس الجمهورية بعد ذلك. وكان اختيار عبدالناصر لزكريا محيي الدين يهدف إلي مخاطبة ود أمريكا في المقام الأول.. لأن عبدالناصر أدرك ساعتها أن 001٪ من أوراق اللعبة في يد أمريكا.. مع ان حمدين صباحي يلوم السادات لقوله بأن 99٪ فقط من أوراق اللعبة في يد أمريكا. ولكن مع خروج الشعب في ليلة الخطاب واليوم التالي فيما سمي بمظاهرات 9 و01 يونيو جعل زكريا محيي الدين يبادر باعلان رفضه لتكليف عبدالناصر الذي تمسك به الشعب عملا بالحكمة المصرية التي غناها عبدالحليم حافظ »اللي شبكنا يخلصنا« ومنذ هذا التاريخ 01 يونيو 7691 تواري زكريا محيي الدين عن الانظار.. ولم يشارك في أي عمل.. لم يظهر حتي في فرح أو سرادق عزاء.. ابتعد 54 عاما كاملة عن الدنيا.. نسيته ذاكرة الناس لكنها لم تنس ذكراه الطيبة واحترامه لنفسه.. لم تنس انه كان محبوبا من الناس عندما كان مسئولا.. ومحبوبا منهم عندما ابتعد عن المسئولية.. يكفي انه لم يخض في سيرة زملائه كما فعل بعضهم. رحل زكريا محيي الدين في ذكري النكبة.. وذكرنا بأيام بعيدة.