مازالت أصداء المناظرة الرئاسية الأولي من نوعها في التاريخ السياسي المصري والعربي، تحظي باهتمام الناس جميعا في مصر والعالم، والتعليق عليها من كل مكان، كثير من السياسيين والكتاب العرب اعتبروها إحدي المفاجآت المصرية المفرحة والمهمة، وأنها فعل ملهم في مشوار الثورة المصرية، ودرس ممتع في سعيها الي تحقيق الديمقراطية، ولعل أكثر الملاحظات التي توقف البعض حولها كثيرا، هي تأثير الثورة المصرية علي الرأي العام، الذي استعاد قوته وحضوره، وقدرته علي تشكيل السياسات والمواقف والقرارات.. قوة الرأي العام أو ما يطلق عليه »سياسات الشارع«، ظاهرة باتت ملموسة، الكل يحسب حسابها، والكل يراعي اختياراتها، ويعمل وفقا لتوجهاتها، يكفي أن تأتي المناظرة في دلالتها الشكلية والرمزية العميقة، حيث يقف المرشحان للرئاسة 5 ساعات علي أقدامهما، أمام شاشات التليفزيون، وعدسات المصورين، ليخاطبوا الرأي العام ،ومحاولة استمالته لصالحهما، هم واقفون والشعب جالس، يتفرج ويناقش ويعترض، يقبل ذلك ويرفض ذلك، ويفند آراء كل منهما، في لحظة غير مسبوقة، لحظة وعي جديدة تؤكد حقيقة التغيير الذي حدث في مصر، وأن ما سبق من غياب أو تغييب للرأي العام ،ليس له أن يعود في أي يوم آخر.. المناظرة في ذاتها حالة من تطور الوعي، علي مستوي الفعل غير المسبوق ،وعلي مستوي تفاعل الناس معه واهتمامهم به واستجابتهم الجادة والحيوية في التعامل معه.. كانت ثورة 25 يناير تعبيرا شعبيا أصيلا وقويا، ورغم المشكلات والصراعات، وصعوبات الهدم، وصعوبات البناء، وإعادة تشكيل الدولة، فأن الناس هم فعليا جوهر التغيير الحقيقي.