د. جابر نصار فى حواره للأخبار رئيس منتخب بالإعلان الدستوري أفضل من أن تحكمنا فوضي الانتهازيين لن نسترد الأموال المنهوبة إلا في ظل نظام ديمقراطي جديد المال السياسي خطر علي الانتخابات الرئاسية والفائز فيها سيكون رئيس انتقالي لمدة 4 سنوات أخري! كل دساتير العالم محفورة في ذاكرته.. يحفظ موادها »عن ظهر قلب«.. يعلم جيدا معني ومغزي كل مادة فيها.. ويدرك الفرق بين دساتير الدول الديمقراطية، وتلك التي وضعتها تيارات سياسية مغرضة، لخدمة أنظمة استبدادية حتي يظل قهرها لشعوبها بمثابة الأمراض المزمنة!.. ويري أيضا ان الدستور هو في حقيقة الأمر اذن من المحكوم للحاكم بأن يحكمه ولا يتحكم فيه! انه الفقيه الدستوري د. جابر نصار الذي يؤكد أن هيمنة أي فصيل سياسي علي إعداد الدستور يعني كتابة شهادة وفاة للثورة، فضلا عن استبدال نظام مبارك بآخر يحمل نفس سمات وصفات الديكتاتورية والاستبداد والفساد.. كما ندد بالأصوات التي تنادي في هذا الوقت الحرج بضرورة ان يكون »الدستور أولا«، موضحا ان ذلك من شأنه اطالة المرحلة الانتقالية.. وزيادة خطر وخطورة الفوضي.. بل واعطاء قوة دفع جديدة للثورة المضادة.. ويشير في هذا الصدد الي انه »خير لنا أن يحكمنا رئيس منتخب بالاعلان الدستوري من ان تحكمنا فترة انتقالية جديدة تسودها الفوضي والتخريب والضياع السياسي والاقتصادي«. وشدد د. جابر نصار علي ضرورة نزع فتيل الأزمة بين القوي السياسية حتي تدخل البلاد مرحلة الاستقرار وتخطو بثقة علي طريق الديمقراطية والحرية.. وأعرب عن مخاوفه من تأثير المال السياسي علي الانتخابات الرئاسية، لافتا إلي ان »مصر الجديدة« تحتاج في الفترة القادمة إلي »الرئيس الموظف« وليس الرئيس الزعيم! وإلي تفاصيل الحوار: في البداية يوضح د. جابر نصار ان أي نظام سياسي لا يمكن له ان ينهض ويقوي إلا بدستور ديمقراطي يحدد كيفية توازن السلطات في الدولة وصيانة الحقوق والحريات فيها.. وحتي يضمن الدستور تحقيق أهدافه التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن فإن وضع مواده يجب ان يكون بيد الشعب لا بيد السلطة.. لأن الأخيرة عندما تهيمن علي وضعه فسوف تصل به الي تنظيم يحابي السلطة وأهدافها وطموحاتها علي حساب الحريات.. كما ان رهن نجاح أي نظام دستوري بالتوازن بين السلطة والحرية له ما يبرره.. حيث ان الافراط في السلطة يؤدي للتسلط والاستبداد، والافراط في الحرية يؤدي الي مزيد من الفوضي.. ولعل ما نجحت فيه الدول الديمقراطية المتقدمة هو تحقيق التوازن المشار إليه فاستقام لكل منها النظام وتقدمت فيها الحقوق والحريات. الدستور للجميع سألنا: كيف تري مشكلة تأسيسية الدستور والتي أصبحت مادة خصبة للخلاف والجدل السياسي؟ اشكالية تأسيس الدستور المصري السبب فيها المادة 06 من الاعلان الدستوري والتي جاءت بتنظيم قاصر وضعيف لوضع الدستور.. فهي أي المادة 06 قد اخطأت خطأ جسيما بوضع اشكالية تشكيل اللجنة لدي البرلمان المنتخب، فأصبحت مهمة وضع الدستور واقعة داخل اطار فعل التجاذب السياسي والحزبي، وهو أمر بالغ الخطورة علي إعداد الدستور، لان استئثار الأغلبية البرلمانية بتشكيل لجنة وضع دستور الثورة وحسم التصويت داخل اللجنة بأغلبية حزبية لا يمكن ان يؤدي الي دستور ديمقراطي.. إنما دستور يعبر عن مصالحها فقط ويحافظ عليها ويمكنها من استمرار فرض حكمها.. وبالتالي تموت فكرة تداول السلطة.. بينما الصحيح ان تضم اللجنة التأسيسية للدستور جميع اطياف الشعب وتكون قائمة علي مبدأ التمثيل الوطني الشامل الجامع وليس علي أساس التمثيل الحزبي الضيق.. لأن الدستور ينظم حياة ومصير ومستقبل جميع المصريين ولا يجب ان ينحاز لفئة معينة أو فصيل سياسي واحد يذكر الناس بالحزب الوطني الذي أفسد البلاد وقهر العباد! وبالتالي فالدستور يجب ان يكون لجميع المصريين وليس اخوانيا حتي لا تموت فكرة تداول السلطة. مهزلة دستورية عدم احترام احكام القضاء كان معتادا في عهد مبارك.. ومجلس الشعب كان يعتبر نفسه »سيد قراره« ألا تري اننا عدنا إلي اتباع نفس نهج الماضي القريب.. نهج الحزب الوطني وحكومته ورموز نظامه؟ يجيب د. جابر نصار: نعم.. ووقت اصرار الاخوان علي الهيمنة علي الجمعية التأسيسية للدستور قلت إنها مهزلة دستورية.. وكان طبيعيا ان يحكم القضاء الاداري ببطلان تشكيل الجمعية.. لكن من الواضح ان الاصرار علي الهيمنة مازال مستمرا.. فالاخوان بأغلبيتهم البرلمانية يضربون بالحكم القضائي عرض الحائط، رغم تأكيد رئيس البرلمان وقتها احترامه للحكم.. ويضربون عرض الحائط ايضا بالتوافق الذي اقره اجتماع المجلس العسكري بقيادات الاحزاب والقوي السياسية بشأن التوازن في تشكيل الجمعية.. والآن »يعطلون المراكب السايرة« ويعتبرون البرلمان دولتهم التي تخصهم دون سواهم! ولم يعد يهمهم لا الشعب ولا الحكومة ولا المجلس العسكري الذي يمثل رأس الحكم خلال المرحلة الانتقالية.. فمازالوا يتحدثون عن تمثيل برلماني داخل التأسيسية، وعن دور للبرلمان في تحديد معايير الأعضاء، وهو اتجاه ينذر بالخطر.. ويعني إذا تم تنفيذه بأن الدستور سيكون محل طعن.. وهنا تكمن المهزلة والكارثة! الإ الديكتاتورية ويقلب د. جابر نصار في اوراق الارشيف السياسي ليذكر الاخوان قبل غيرهم بما حدث في تأسيس دستوري 32 و45 فرغم الشعبية الجارفة لحزب الوفد وقت إعداد دستور 3291 إلا انه لم يتم تمثيله في جمعية تأسيس الدستور إلا بثلاثة أعضاء فقط.. وحينذاك غضب الحزب ولم يدخل الجمعية واسماها ب »لجنة الاشقياء« لكن اعتراضه لم يعطل إعداد الدستور أما وقت إعداد دستور 4591 فقد كان الاخوان يحظون بالحضور السياسي الشديد قبل صدامهم مع جمال عبدالناصر ورغم ذلك خصص لهم 3 مقاعد فقط في الجمعية التأسيسية! ودساتير العالم التي شاركت البرلمانات في جمعياتها التأسيسية؟ كل الدول الديمقراطية جاءت لجان تأسيس دساتيرها من خارج البرلمانات.. ومن يقول ان هناك نسبة 04٪ من بين 002 دستور علي مستوي العالم قامت البرلمانات بتشكيل لجانها التأسيسية فهو مغرض ويريد لمصر العودة الي عهد استبداد مبارك.. لأنه هنا يضرب امثلة بدول ديكتاتورية.. وعموما فالمحكمة الدستورية العليا ذكرت في حكم لها صدر في 71 ديسمبر 9991 ان »الدستور وثيقة سامية، وهو المناط به انشاء السلطات وتنظيمها« وهذا معناه انه لا يجوز ان السلطة التي ينشئها الدستور تقوم هي بوضع قواعده! الانتخابات أولا في بداية الثورة طالبت القوي السياسية المعتدلة بضرورة ان يكون إعداد الدستور قبل الانتخابات الرئاسية.. وكان مبررهم ان يأتي الرئيس الجديد وهو يعلم سلطاته وصلاحياته.. لكن تم رفض ذلك المطلب وسارت الأمور علي ما سارت عليه.. والآن عاد البعض بكل خبث ودهاء يكرر نفس المطلب وهو مطلب يرفضه د.جابر نصار رفضا قاطعا مشيرا الي ان المطالبة ب »الدستور أولا« في بداية الثورة كانت منطقية لأن المساحة الزمنية كانت تسمح بإعداد دستور جيد علي مهل.. أما الآن خاصة في ظل مباراة الجدل السياسي العقيم فإن المطالبين بذلك انما يهدفون الي إعداد دستور مشوه يخدم مصالحهم أكثر من مراعاته لمصالح الوطن.. وهؤلاء أقول لهم لا.. الانتخابات الرئاسية أولا.. وخير لنا ان يحكمنا رئيس منتخب بالاعلان الدستوري من ان تحكمنا الفوضي التي ستطيل من عمر المرحلة الانتقالية وتدخلنا في دوامة.. وعلي كل حال فإن تلك الأصوات إذا تعالت مرة اخري فسيكون أصحابها اشبه بمن يؤذنون في مالطا.. لماذا؟ لأن المجلس العسكري أعلن مؤخرا انه جاهز لتسليم السلطة 42 مايو الجاري اذا فاز الرئيس المنتخب من أول جولة دون اعادة. قلت انه من غير المنطقي ان يكون »الدستور أولا« لأن الفترة المتبقية علي انتخابات الرئاسة وتسلم الرئيس المنتخب للسلطة فترة قصيرة ولا تسمح بالإعداد الجيد للدستور.. كيف ذلك وانت وعدد من اساتذة القانون الدستوري أعددتم دستورا استغرق 54 يوما فقط؟! اذا خلصت النوايا يصبح الصعب سهلا، والمستحيل ممكنا.. فهذا الدستور يقع في 24 صفحة واستغرق 54 يوما وأعدته مجموعة من اساتذة وفقهاء القانون الدستوري بحقوق القاهرة، ممثلة في د. فتحي فكري وزير القوي العاملة حاليا ود. ثروت بدوي ود. جابر نصار ود. سعاد الشرقاوي ود. يسري العصار وقد تم انجازه في وقت قياسي نظرا لأن الذين اعدوه هم أهل علم وتخصص وقد ساد بينهم التعاون والتفاهم.. لم تعترضهم المطبات والخلافات وألاعيب السياسة وحيلها الخبيثة! وعموما فهو دستور يأخذ بالنظام المختلط الذي يختص فيه الرئيس بالأمور السيادية والسياسة الخارجية.. ويقيد سلطات رئيس الجمهورية حتي لا يستبد بالسلطة في مواجهة الحكومة والبرلمان.. واشترط قيام الرئيس بعد انتخابه بتقديم اقرار ذمة مالية علي ان ينشر كل سنتين بالجريدة الرسمية.. كما يمنع تعامل اقارب الرئيس حتي الدرجة الرابعة مع الدولة في الأمور الاقتصادية والتجارية إلا بإذن من المحكمة الدستورية العليا.. فضلا عن انشاء محكمة عدل عليا لمحاكمة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وكبار السياسيين ونص علي اجراءاتها حتي لا يقوم رئيس الجمهورية بتعطيلها أثناء تواجده بالسلطة. حق المصري في ثرواته واحتفي دستور حقوق القاهرة بالحقوق والحريات حيث نص علي حقوق جديدة لم يعهدها النظام الدستوري المصري.. أهمها حق المصري في ثرواته الطبيعية لتكون حقا لكل الاجيال.. وحظر خصخصة المرافق العامة والاستراتيجية كما نسج الحماية للحقوق والحريات الشخصية بصورة تتطابق مع التطورات العالمية واخذ الدستور أيضا بمبدأ تلازم السلطة مع المسئولية، فالشخص الذي تسند اليه سلطة يكون مسئولا عن ادائه وممارساته لها.. كما أكد مجددا علي ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وقرر حق غير المسلمين في الاحتكام الي شرائعهم فيما يخص احوالهم الشخصية والدينية.. وألزم الحكومة بضمان حد ادني واعلي للاجور ثم كفل حرية تكوين الاحزاب بالإخطار.. شرط ألا يتم انشاء الحزب علي أساس ديني أو طائفي أو مسلح. لازم حازم ! ظاهرة الشيخ صلاح أبوإسماعيل ألا تري انها تمثل لونا سياسيا غير مسبوق؟ نعم فهي ظاهرة لم تعهدها مصر من قبل.. لكن تأمل معني ومغزي الشعار الانتخابي له قبل استبعاده من الترشح »لازم حازم« أي انه لابد من ان يكون مرشحا رئاسيا حتي لو لم تتوفر فيه الشروط الواجبة وإذا لم يستجب له المسئولون ينتشر انصاره لإثارة الفوضي في الشوارع والميادين والتهديد بحرق البلد.. وهذا ما حدث أمام وزارة الدفاع.. تظاهرات.. واعتصامات.. وقتلي ضمن الاشتباكات.. وكأن الرجل يصر علي ان يكون رئيسا ب »العافية«.. أين هيبة الدولة؟.. من المسئول عن التفريط فيها واهدارها؟ ولماذا تم التهاون بعدم الحسم والتعامل مع الأمر بأعصاب باردة.. باردة جدا؟! 3 علي الطريق ثلاثة يراهم الفقيه الدستوري جابر نصار يشكلون ضبابية المشهد السياسي.. البرلمان والحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. فالبرلمان الواقع تحت سيطرة الاخوان يتعمد احراج الحكومة ويطالب باستقالتها، بينما الاخوان في حقيقة الامر لا يريدون ذلك انما يقومون بمناورة سياسية تهدف الي الحصول علي مكاسب.. بدليل انهم لم يناقشوا بيان الحكومة إلا بعد شهر كامل.. كما انهم كانوا أول من ايدوا الجنزوري في البداية.. وأعمال الحكومة لا يشعر بها الشارع لأنها من ناحية هدف للهجوم، ومن ناحية اخري فإن الوزراء يشعرون بأنهم اشبه بالعمالة المؤقتة.. اما المجلس العسكري فالمعروف انه ارتكب اخطاء في ادارة المرحلة الانتقالية.. وبصرف النظر عن انها اخطاء مقصودة أو عفوية فإن المجلس يفتقد إلي الفعل السياسي الحاسم.. وحتي رد الفعل السياسي عنده بطيء! وعلي خلفية هذا الثلاثي نري انتهازية وغياب شفافية بعض القوي السياسية التي لا تريد ان تأخذ الثورة اتجاها وتوجها للوصول بمصر إلي بر الأمان.. إنما وسيلة لتحقيق مصالحها الشخصية.. ولا عزاء للوطن وأهالي شهداء الثورة! الرئيس الموظف سألنا: هل تعلق آمالا علي الانتخابات الرئاسية.. وهل سيصل بنا الرئيس الجديد الي بر الامان؟ بداية ينبغي التأكيد علي ان مصر تحتاج الي الرئيس الموظف لا الرئيس الديكتاتور الذي يتقمص شخصية الزعيم.. أما بشأن الانتخابات فهي بمشيئة الله ستجري في موعدها.. لكن لن تكون نزيهة بنسبة 001٪ بسبب تأثير المال السياسي عليها.. فلأول مرة تعرف مصر ظاهرة »المرشح المحتمل« الذي انفق الملايين قبل الموعد الرسمي للدعاية الانتخابية ثم تأتي اللجنة العليا للانتخابات بعد 7 شهور من كل هذا الاتفاق لتعلن المرشحين بفتح حسابات لأموال الدعاية! من تراه في مقدمة السباق؟ أصوات التيار الاسلامي عرضة للتفتيت لا محالة لسببين اثنين.. اولهما الخلافات وعدم التوافق فيما بينهم.. اما السبب الثاني فهو تراجع مصداقية الاسلاميين لدي الناخبين نتيجة ما كشفت عنه ممارساتهم السياسية خلال الفترة الأخيرة.. واري ان الحظ الاوفر في سباق الرئاسة سيكون لعمرو موسي خاصة ان كل المناورات والخلافات والتربيطات الأخيرة تصب في مصلحته. هل نسيت الأموال المنهوبة وفقدت الأمل في استردادها مثلنا؟ لا أعلق الأمل علي من ساهموا في تجريف مصر اقتصاديا.. والذي يستطيع استرداد الأموال المنهوبة هو نظام ديمقراطي جديد.. وذلك لن يتم إلا في ظل الرئيس القادم.. وليطمئن الشعب المنهوب إلي ان حقوق الشعوب لا تسقط بالتقادم. وماذا بعد؟ أعداء مصر من أهلها أصبحوا أكثر من اعدائها في الخارج! يجب علي كل القوي المسماة بالسياسية وكذا المسئولون ان يتقوا الله في بلدهم.. يجب ان تمر الانتخابات الرئاسية بخير كما نأمل ونتوقع ولا يعترضها »عفريت الطرف الثالث« الذي ظهر من قبل في العديد من الاحداث وكان ومازال مجهولا شعبيا ومعلوما رسميا!