ماذا يجري بين البرلمان والحكومة.. البرلمان يصر علي إقالة أو استقالة الحكومة.. الحكومة ترفض لأن المادة 33 من الإعلان الدستوري تعطي المجلس العسكري سلطة تعيين أو إقالة الحكومة! المشهد السياسي ينبئ بأزمة وقد تكون أزمات.. والأرجح أنها صفقة وقد تكون صفقات.. الطرفان في الصفقة معروفان.. جماعة الإخوان المسلمين من ناحية.. والمجلس العسكري وحكومة الجنزوري من ناحية أخري.. والصفقة نفسها هي شعب مصر الكادح المغرر به.. بالضبط مثل صفقات الدم التي تم ضبطها مؤخرا وراح ضحيتها أطفال الشوارع.. ما الصفقة؟! كلنا يعرف الوضع الخاص للقوات المسلحة في ظل العهود السابقة.. والكل يعلم ويشعر ان القوات المسلحة مميزة.. وهذا حقها عندما تكرس دورها في الدفاع عن حدود مصر.. وعندما توفر الردع لأعداء مصر.. بحيث يفكر اليهود مثلا ألف مرة قبل أن يتخذوا خطوة للاضرار بمصر. وبحيث يفكر جيراننا العرب.. ومن هم أبعد منا ومن حدودنا لكنهم يسعون إلي خراب مصر ودمارها مثل إخوتنا في الجامعة العربية وعلي رأسهم دويلة قطر أو حتي في إيران أو أمريكا.. ومن هم يخططون بوهم لتدمير حضارة هي الأقدم في تاريخ البشرية.. مصر الفرعونية. ان أطراف المؤامرة معروفون.. وخططهم ونواياهم الخبيثة ضد مصر مكشوفة.. لهذا يظهر السؤال المهم هل: تملك القوات المسلحة الردع الكافي لمواجهة المخاطر التي تهدد مصر من الخارج.. كم رأس نووي نملك لتحقيق هذا الردع.. كم من أسلحة الدمار الشامل يمكن أن نواجه بها إسرائيل التي تملك كافة أسلحة دمار البشرية.. سواء بيولوجي أو كيميائي أو اليكتروني أو نووي.. أين نحن من كل ذلك.. لقد أصبحت القوات المسلحة بعد ثورة 52 يناير مشغولة بترتيب البيت الداخلي كما تراه هي.. هي التي أصدرت الإعلان الدستوري الذي وضعنا في مشكلة.. هي التي اختارت ما أسمته المجلس الاستشاري.. والذي أصبح الآن كخيال المآتة.. الذي يستعين به الفلاح لطرد الطيور وأكلة الزرع.. والنبت الأخضر.. هي اذن التي حصدت شباب الثورة.. ولم تمنحهم الحماية لقيادة مصر عقب اسقاط الحكم الفاسد.. هي التي ترتب بيت القضاء.. والبرلمان وتعرف كيف تلاعبه.. وتؤدبه أحيانا.. هي التي ساعدت في أن يطرح الإخوان المسلمون أنفسهم لانقاذ مصر.. وهي التي ساعدت في افشالهم.. هي اللاعب الأول والأخير.. هي التي وضعت مصر والمصريين في أزمة التعامل الكريم مع المواطن خارج بلده.. فرأينا قصصا وحواديت كالخيال.. شاب معتمر -معروف انه من جماعة 6 أبريل- يقبض عليه بالسعودية بتهمة تهريب 08 كيلو من المخدرات.. وتقوم الدنيا ولا تقعد بسبب أزمة تافهة أو ملفقة لشاب مصري.. ويخرج علينا السفير السعودي ليبرر اعتقال الشاب.. ويؤكد ان المملكة هي أول من وقف بجوار مصر في أزمتها عقب ثورة 52 يناير.. وينكشف المستور.. أو ان شئت قل »الملعوب« الذي يلاعبنا به الأشقاء في البلدان العربية.. كم مرة حكم علي أمراء ومواطنين عرب بالسجن في قضايا مشابهة وتم الافراج عنهم.. حفاظا علي »الأخوة العربية« ألا يستفيد الشاب المصري من »الأخوة العربية« دون فضيحة.. أو تقليب شعب ضد آخر.. علي رأي المثل »ضحينا بالجنين عشان الأم تعيش«! وهذا ما تمارسه السعودية وغيرها نضحي بالشعب حتي لا يرفع رأسه ويطلب حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية.. طبعا حذفت »العيش« من شعار ثورة شباب مصر ضد نظام حسني مبارك.. لان الملوك والأمراء قاموا بزيادة المرتبات أضعافا وأضعافا.. حتي يسكت الشعب في هذه البلدان.. وتخف حدة مطالبه.. هو اذن لا يحتاج شعار »عيش« إنما يحتاج »حرية، عدالة اجتماعية« وللديمقراطية أو الشوري أصول تتغاضي عنها الحكومات الغربية والأمريكية في البلدان الموالية لها.. بينما تؤجج الصراعات حولها في الدول التي تخرج عن الخطوط التي رسمتها لها!. والقوات المسلحة عندنا مشغولة بالكوتة في النظام القادم.. الرئيس لابد ان يكون مواليا.. ومتفهما للمجلس العسكري.. والصناديق التي يملكها والمرتبات التي يحصلون عليها.. والمزايا التي أصبحت مقررة لهم.. ولا عجب ان يسأل المجلس العسكري عن هذه المزايا والصناديق التي امتلأت بالياقوت والمرجان.. في زمن عَزَّ فيه الذهب والمخصصات.. الرئيس القادم.. والبرلمان يجب ان ينصاعا لمطالب العسكري في الدستور.. وألا يتم تقليب التيارات والأحزاب.. وهي لعبة مخابراتية مكشوفة.. ولا يخفي علي أحد في مصر السيناريو الأسوأ المتوقع.. »انقلاب عسكري« بشكل أو بآخر.. المشكلة ليست في الانقلاب فهذا شيء عادي تعودنا عليه طيلة 06 أو 07 سنة مضت.. لكن من غير المقبول ذهاب أرواح بريئة من أبناء شعب مصر ضحية لهذا النزاع علي السلطة.. لقد سبق ورصدت ما يمكن ان يحدث في مثل هذا الوضع.. لكن ما أحذر منه الآن.. ان البلد يتجه بفعل فاعل إلي حافة الخطر.. وان زلت قدم إلي الهاوية ستتبعها آلاف الأقدام.. وستكون الثورة الاجتماعية الشاملة.. حتي وان كان هناك نفس لمواطن واحد.. سيولد من رحم مصر الزعيم الملهم الذي يحررها من مغتصبها حتي وان كان المغتصب أحد أبنائها الطامعين بالانفراد بالسلطة.. وان كانت معه القوة اليوم فلن تكون معه غدا.. وسلة قمامة التاريخ ملآنة بأمثاله.. لكن مكانه محجوز فيها مع أقرانه! كلمة أخيرة للجنزوري وحكومته.. ألا تري أنك أخذت نصيبك من الدنيا.. ماذا تريد.. ان تخدم بلدك اخدمها في مقال.. في رأي، في برنامج تليفزيوني.. بدلا من الصراع علي السلطة الزائلة.. لأن التاريخ لا يرحم.. نفس الشيء أقوله لجماعة الإخوان لقد أعطاكم الله ثقة الشعب.. فلم تحسنوا الاستفادة منها.. وارتكبتم أخطاء لن يغفرها لكم الشعب. لهذا راجعوا أنفسكم قبل ان يحاسبكم الشعب في الانتخابات القادمة.. واعتقد ان النتيجة ستكون التعامل مع كافة تيارات المجتمع.. واستيعاب الجميع من أجل مصلحة مصر. دعاء يريح البال اللهم اجعلني من أعظم عبادك نصيبا في كل خير تقسمه لأحد من خلقك من نور تهدي به، ورحمة تنشرها، ورزق تبسطه، وشر تدفعه، وضر تكشفه، وبلاء تصرفه، وفتنة تدفعها. آمين يا رب العالمين.