صبرى غنىم لا أعرف سببا للضجة الاعلامية التي صاحبت الاعلان عن ترشيح خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية.. مع أن ترشيحه لم يكن مفاجأة لا للصحافة ولا للفضائيات ولا للقوي السياسية.. فقد كان واضحا منذ استجابة المجلس العسكري له في إسقاط جميع الاحكام التي صدرت ضده وتطهيره من آثار هذه الاحكام.. أن الجماعة تعده إما لرئاسة الحكومة أو الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.. - من هنا يتأكد لنا أن هناك صفقة بين " الاخوان " والمجلس العسكري وقد ظهرت بوضوح بعد تشكيل اللجنة التي وضعت الاعلان الدستوري والتي جاءت علي هوي جماعة الاخوان فقد كان هذا الاعلان بمثابة بالونة اختبار علي قوة الاخوان في الشارع المصري فالأغلبية التي قالت نعم للاعلان الدستوري.. هي التي دفعت بالمجلس العسكري أن يستجيب للاخوان علي اجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور.. وكون أن يتعهد المجلس العسكري بإسقاط الأحكام التي صدرت ضد رموز الاخوان لكي يتيح لهم فرصة دخول الحياة السياسية ومعهم شهادات ابراء الذمة بعد خلو ملفاتهم من الاحكام فهذا يكفي.. - صدقوني لو أن المجلس العسكري جمع المظلومين الذين صدرت ضدهم أحكام عسكرية ظلما.. وخرج علينا في بيان استغفار يطلب العفو وإسقاط الاحكام التي صدرت ظلما أيام النظام.. من المؤكد أن الشعب سيكون متعاطفا مع هؤلاء الأبرياء الذين زج بهم في السجون ظلما.. وساعتها سنترك للأيام أن تكون الحكم.. إن كان خيرت الشاطر بريئا أم مدانا من تهمة غسيل الاموال التي اتهمه بها النظام السابق.. وهل كان المجلس العسكري علي حق فعلا في إسقاط التهم عنه علي اعتبار أنه برئ وظلم في عهد النظام.. مع أن الشواهد والطريقة التي حوكم بها تؤكد أن هذا الرجل ظلم فعلا وتم التشهير به علي فضائيات أنس الفقي.. وأن الحكم الذي صدر ضده كان لارهاب الاخوان دفع الشاطر فيه ثمن حريته علي اعتبار انه كان الجناح الاقتصادي للاخوان ..أي الخصم اللدود لنظيره في الحزب الوطني احمد عز.. - أعضاء مجلس الشعب وبالذات جماعة الاخوان جهزوا الشاطر بعد أن أسقطوا عنه الاحكام ليرأس حكومة ائتلافية جديدة مقابل أن يسحبوا الثقة من حكومة الجنزوري.. وبعد أن خاب أملهم وفشلوا في إجهاض حكومة الجنزوري خططوا للرد علي المجلس العسكري الذي ركب رأسه وتمسك بالحكومة.. فكانت ضربتهم هي دخول الشاطر سباق الترشيحات الي كرسي رئيس الجمهورية وهم علي ثقة أن الشاطر قد يكون اشطر المرشحين لهذا الكرسي ..مع أن المجلس العسكري لايهمه من قريب أو بعيد مثل هذا الترشيح لأنه لم يشترط هوية سياسية للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بدليل أنه فتح الباب أمام جميع المواطنين لمن يجد في نفسه الكفاءة للترشيح.. وقد رأينا مهنا عديدة تدخل السباق منها الحلاق والفران والترزي والقهوجي الي جانب العمالقة الذين يمثلون التيار المدني.. ومع ذلك لن نسمع تعليقا من المجلس بعد مفاجأة الاخوان.. - صحيح إن أغلبية الشارع المصري لم ترحب بترشيح الشاطر وهذه حقيقة غابت عن الاخوان وعن الشاطر نفسه الذي خانه ذكاؤه ولم يفهم أن ترشيحه هو صدمة للبسطاء وللمثقفين.. فالرجل لعبته التجارة وليست السياسة.. وكونه أنه اقتصادي ناجح جدا ويتمتع بسمعة طيبة بين رجال المال والاعمال.. فليس بالضرورة أن تؤهله هذه المؤهلات لكي يكون رئيسا لجمهورية مصر.. وقد كنا نعيب علي حكومة رجال الاعمال أيام النظام السابق.. إذن من حق الشارع المصري أن يرفض ليس لوجود عداوة بينه وبين الشاطر.. لكن لأنه يرفض لعبة الاخوان في تخطيطهم " للتكويش " علي السلطة، بعد أن حققوا أطماعهم في أن يكونوا الاغلبية في مجلس الشعب.. وسيطروا علي النقابات المهنية.. وعلي اللجنة التأسيسية للدستور.. ولم يبق لهم إلا الوصول الي كرسي رئيس الجمهورية وهذه مصيبة لايرتكبها إلا حزب يتبني سياسة الديكتاتورية فيفرض سطوته وسيطرته علي كل القوي السياسية.. لقد كنا في العهد السابق نعاني من الحزب الحاكم وهو الحزب الوطني.. واليوم يتكرر السيناريو ليظهر بديله وهو حزب الحرية والعدالة.. وكأن ثورة 25 يناير قامت لاستبدال الحزب الوطني بحزب الاخوان. - علي أي حال ترشيح خيرت الشاطر في ظل وجود أربعة مرشحين يمثلون التيار الاسلامي معناه أن الجماعة لاتعترف بالاربعة.. مع أنهم علي قدر كبير من العلم والفكر ورؤيتهم اشمل واوسع.. فقد جاء هذا الترشيح مخيبا لآمالهم في وقفة الاخوان معهم.. .. الاخوان علي ثقة أن الذين أعطوهم أصواتهم في الانتخابات البرلمانية هم الذين سيعطون خيرت الشاطر نفس الاصوات مع أنه ليس بالضرورة أن كل من أعطي صوتا لاخواني يعطيه لمرشح رئاسة اخواني.. فقد تغيرت الدنيا ، وأصبح هناك نضج سياسي عند البسطاء ، وفهموا جيدا أطماع الاخوان في " التكويش " ومن لايصدقني ينزل الي الحواري والنجوع ويسمع ماكان متوقعا.. فالناس لم تعد تقبل هذه اللعبة حتي ولو كان شراء الاصوات بأشولة السكر والارز وصفائح الزيت.. الناس تفكر في مستقبل مصر بعقولها ولا تفكر ببطونها وحتي لو متنا جوعا..